زوجات الاخرين

تناول الكاتب الكبير انيس منصور هذا الموضوع في كتابه : معني الكلام....
........................................................................................................

شيء واحد يحاول كل زوج ان يهرب منه...إذا رآه في النافذه هرب هو من الباب..واذا رآه بالباب انطلق هو الي الشارع..

هذا
الشيء هو الذي يجعل الزوج لا ينظر الي وجه زوجته ولا يسمع كلامها ولا يصبر
عليها...ويري ان الشارع احسن من البيت , وان الوقوف علي الرصيف خير من
الوقوف في البلكونه ...
وان كل زوجه اخري احسن من زوجته...وان زوجته قبل الزواج كانت احسن من زوجته بعد الزواج...

وان زوجته كانت قبل الزواج تفاحه لامعه ...أما الآن فهي خياره صفراء....

هذا الشيء هو الملل......هو الاحساس بان كل شيء قديم, كلام الزوجه قديم وملابسها قديمه ...ونكتها قديمه ايضا...

والرجل
يبحث عن الجديد....اما زوجته فهي تقلب الكلام القديم لعله يبدو
جديدا....تماما كما تفعل بالفساتين والجاكيتات والبنطلونات القديمه...
وقد يتغير لون الفساتين والجاكيتات, ولكنها مع ذلك قديمه....كلامها وسلامها

لماذا؟...
لان الزوج كان يجعل من زوجته مرآه قبل الزواج..ينظر اليها ويربط الكرافته...ينظر اليها ويسرح شعر رأسه وحواجبه وشواربه..

اما بعد الزواج...فقد عرف المرآه وتعب من المرآه....ان النظر الي الحلل والاطباق والحوائط اسهل واجمل من النظر الي وجه الزوجه....

ولا يستطيع الزوج ان يقسو علي زوجته....انها ليست قميصاً ولا بنطلونا....انها كائن حي من دم ولحم وحب وعطف...

انها هي التي كان يجري وراءها..وكان قلبه يدق وهو يصعد السلم اليها....

انها هي التي ضحت من اجله بابن خالتها وابن عمتها والضابط الاسمر والمهندس الاشقر....

كل هؤلاء قد ضحت بهم من اجله....فها اذا فاز بها واصبحت زوجته...اصبحت انسانا آخر....واصبحت بلا قيمه ولا كرامه؟

انه لا بستطيع ان يغيرها...او يبدلها....اين يذهب من الناس ومن الاخلاق ومن التقاليد ومن الدين.....كل هؤلاء يقفون في وجهه....
ولو كان في مجتمع بلا دين ولا تقاليد ولا اخلاق لتركها وراح يبحث عن غيرها....ولكن التقاليد تقف في وجه الطائش من الرجال والنساء

اذن لابد ان يغير"البرواز"الذي يضع فيه صوره زوجته..وكلام زوجته..وهموم زوجته...

سيجعل كلامها في برواز كبير..فيبدو كلامها صغيرا شاباً حياً....

وسيجعل البرواز الذي يضع فيه هموم زوجته صغيرا فتبدو همومها كبيره ..هامه...خطيره..

وسيجعل من مشكله ارتفاع وانخفاض سعر الطماطم مشكله عالميه يعرضها علي مجلس الامن....سيجعل كل مشاكلها التافهه مشاكل كبري....
وسترضي الزوجه وتفرح وتحس بان زوجها مهموم اكثر منها ويسهر عليها وهي تنام...تحلم بايام الزوجيه السعيده.

ولا يكتفي الزوج بهذا القدر...

سيذهب
بزوجته الي اصدقائه وسيدعو اصدقاءه الي بيته....وتقوم الزوجه بدعوه
صديقاتها....ويتكاثر الناس في بيته ويتكاثر مع الناس في بيوت اقاربه
واصدقائه...

والحفلات والزيارات هي عباره عن أسواق تشتري فيها كل اسره كميات كبيره من الكلام والقصص والمشاكل...
وتتردد فيها كلمات : باعيني عليها......ويااختي عليها آلاف المرات....

ولكن هذه الحفلات والزيارات هي التي تخفف عن الزوجين حياه الملل والقرف...فيعيشان علي هامش هذه الحفلات اياما طويله...

وتتطلع
الزوجه الي اصدقاء زوجها.....انهم مختلفون عنه...طبعا مختلفون عنه واكثر
اناقه منه....وأكثر لباقه وفصاحه....انه نفس الاحساس الذي احست به عندما
عرفت زوجهل ورأته لاول مره...
كان جديد الكلام...جديد الفكر....جديد الصوت.....والملابس كلها جديده ايضا...

وتحاول ان تجد عذرا لزوجها....فتقول في نفسها :
انه يتعب...انه يرهق نفسه في العمل...انه يحمل الهموم الكثيره...انه يفكر فيها وفي ابيه وفي اخوته....

أما
هؤلاء الرجال...فهم مختلفون عنه..احسن حظا واكثر بهجه..وتفكر اول مره بصوت
هامس..وبعد ذلك يرتفع صوتها...وتعلن ان هؤلاء الناس احسن من زوجها...وان
حظها سيء...!

أما الزوج....فقد سبق زوجته الي مثل هذا التفكير...

إنه
يتطلع الي زوجات اصدقائه....ينظر الي السمراء ويتنهد.....والشقراء
ويتحسر......والطويله ويتأوه.....والقصيره ويتلوي......والي التي اصغر منه
بسنوات والي التي اكبر منه بسنوات....

ويحس انهن اكثر جمالا وشبابا واناقه وحيويه.....وان الدنيا قد جاءت وراحت علي زوجته...وان كل امرأه اجمل واروع من زوجته....

وان عيب زوجته الوحيد هو انها زوجته....

وان احسن الزوجات هن زوجات اصدقائه أو غير اصدقائه....

أحسن الزوجات....زوجات الآخرين