هشام الصادق يكتب: مازلت أحب مبارك
الجمعة، 25 مارس 2011 - 19:56
مبارك
الحمد لله.. فلن يتهمنى أحد اليوم بالنفاق، وأنا اليوم لست مضطرا كما الأمس أن أقسم لكم أننى لست عضوا فى الحزب الوطنى، فقد اختفى إلى غير رجعة.. ولا حتى موظفا فى القراءة للجميع.. بل هى شهادة حق ربما تستفيد منها بلادى وشباب بلادى.. شهادة لمستقبل هذا البلد.. أعلم تمام العلم أننى سأدفع ثمنها باهظا.. لكنه الحق، والحق أولى أن يتبع، وكاتم شهادة الحق فى يوم كهذا هو الشيطان الأخرس.
لقد حاولتم تلويث الرجل بالزواج من فنانات على غرار تلويث عبد الحكيم عامر.. ولم تجدوا دليلا واحدا، ولا أبناء غير شرعيين على غرار تلويث ميتران، ولا شقق سرية على غرار تلويث حسام أبو الفتوح، ولا عشيقة شابة على غرار كلينتون.. كلها إشاعات فـ إشاعات، وأكاذيب لا أساس لها.
ثم أضفتم أصفارا عديدة إلى حسابات الرجل حتى وصل المزاد إلى تحويل واحد وصلتنى أوراقه وتفاصيله على الإنترنت، وأشارت إليه جريدة الوفد بمبلغ 620 مليارا من الدولارات.. أى ضعف ثروة بيل جيتس عشرين مرة.. أو ثلث ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية بالكامل، أو نصف مبيعات البترول لكل دول أوبك لمدة خمس سنوات.. أو ضعف خسائر اليابان من الزلزال والتسونامى الأخير بكل تداعياته من انفجار المحطتين النوويتين، هل وصلت بكم السذاجة لهذه الدرجة.. المهم لقد خرجت المخابرات الأمريكية وقالت إن ثروة مبارك لا تزيد عن3 مليارات دولار، وهى ثروة معقولة جدا لرئيس بحجم مبارك.. وعجبا لبشر مستعدون لتقبل أن يذهب مواطن بسيط إلى الكويت ليعمل عشرين عاما فيعود بمئات الملايين، بينما يستكثرون هذه الأموال على واحد حرر الكويت أصلا، وأعاد مفاتيحها إلى أهلها.. لقد اتهمتم الرجل بامتلاء سجونه بالمعتقلين السياسيين حتى وصل المزاد على قناة الجزيرة عند السيد عبد البارى عطوان برقم (22000) اثنين وعشرين ألف سجين.. وذهب الرجل ولم نجد فى سجونه سوى 142 معتقلاً سياسياً، معظمهم من المشتركين فى قتل الرئيس الراحل أنور السادات عيانا بيانا جهارا نهارا.. ونرى اليوم ما يصنعه إعلامنا الفاسد من رفع أقواس النصر لهؤلاء الأبطال.
لقد استمرأت الفضائيات اتهام مبارك خلال أحداث الثورة بالبطء فى الاستجابة لمطالب المصريين.. وكنا بكل أسف حماسا للثورة نصدقهم ونؤمن على رأيهم، بل ونردده كالببغاوات غير عابئين أن الرجل يقود سفينة عملاقة وقراره سوف يحكم حياه 80 مليوناً.. فما رأيكم اليوم فى ردود بشار الأسد الفورية، وردود سمو أمير البحرين والسعودية وردود القذافى الصاروخية؟
وأنا هنا لا أنزه مبارك عن الخطأ.. أبدا، كل المصريين كانوا ضد التوريث، كل المصريين كانوا ضد توغل مباحث أمن الدولة و عنف أجهزة الشرطة، نعم لقد أخطأ الرجل، وهو العالم بنبض المصريين حين لم يئد حلم التوريث فى مهده، وقد علم تمام العلم أن المصريين رافضين تماما للسيد جمال والإخوة المحيطين به، وقد وصل ذلك واضحا فى أكثر من مناسبة.
نعم لقد أخطأ الرجل، وهو الطيار المناور المحترف الذى تفادى أكثر من عشر محاولات اغتيال على الأرض، غير العدد غير المحدود طائرا.. لما استمر محافظا على وزير الداخلية لمده 12 عاما حتى أصبح الرجل أقوى من الدولة نفسها، وعشنا جميعا تداعيات إزاحته؟ بل دفع شهداء الثورة دماءهم الزكية ثمنا لخلع الرجل، ولو كان مبارك أزاحه فى تفجيرات شرم، وقد أزاح من قبله فى حادثة مماثلة.. ولو كان حتى أزاحه فى حادثة القديسين لوقى البلاد والعباد شر نهاية مؤلمة.
لكنه رب العزة وحده الذى لا يخطئ.. جلّ من لا يخطئ.. ومبارك إنسان له ما له وعليه ما عليه.. وأنا هنا لا أتكلم عن نظام.. لقد ذهب مبارك ونظامه إلى غير رجعة.
لكنها كلمه حق.. أن نقول للرجل مازال بين المصريين أناس يحملون لك كل خير ومودة، لقد حميتنا وأولادنا وأمّنت أعراضنا ونأيت بنا عن المغامرات هنا وهناك و حققت لنا استقرارا تستحق من أجله كل الشكر.. لقد بنيت قدر ما بنيت وعمرت قدر ما عمرت من هذه الأرض، وأن لم نستطع جميعا أن نشهد لك ستشهد لك الطرق والكبارى ومحطات المياه والكهرباء.. ستشهد لك المدن الجديدة ومترو الأنفاق.. ستشهد لك المصانع ـ المغلقة الآن ـ وستشهد لك الفنادق والقرى السياحية ـ المغلقه أيضا ـ وستشهد لك كل حبة رمل حررتها بالدم فى سيناء، أو بالعقل فى طابا.. ستشهد لك شرم الشيخ التى يحاسبونك اليوم على تعميرها، وقد استلمتها أرضا صفراء قاحلة فسلمتها أهم مدينة سياحية على وجه الأرض.. سيشهد لك اقتصاد مصر الذى تحمل هذه الأيام العنيفة.. وستشهد لك مخازن مصر المليئة بالقمح والسلع كما لم تكن أبدا من قبل.. وسيشهد لك جيشك الباسل، وهو الجيش الوحيد فى العالم الذى أبهر العالم فى السلم كما أبهره فى الحرب.. سيشهد لك تراب الأرض، وعنان السماء إنك كنت بطلا مصريا خالصا أحب هذا الوطن، وأعطاه كما لم يعطه أحد.
وسيشهد كل هؤلاء علينا بكل أسف أننا قد استبدلنا الثمين بالغث.. سيشهد هؤلاء بأننا استبدلنا الذى هو خير بالذى هو أقصى درجات الفوضى.. والله على ما أقول شهيد.