تشرفنا با انضمامك للمنتدى ونتمنى ان تشاركونا بموضوعاتكم وارائكم على مايقدم فى منتداكم بكم نرقى ولكم نقدم احلا مالدينا
وفى النهايه نتمنى ان تعم الفائده على الجميع
ونشكركم على اختياركم منتدانا ونتمنى ان تجدوا المتعه والفائده لدينا
ابو يوسف
شباب عرب (صلى على محمد)
تشرفنا با انضمامك للمنتدى ونتمنى ان تشاركونا بموضوعاتكم وارائكم على مايقدم فى منتداكم بكم نرقى ولكم نقدم احلا مالدينا
وفى النهايه نتمنى ان تعم الفائده على الجميع
ونشكركم على اختياركم منتدانا ونتمنى ان تجدوا المتعه والفائده لدينا
ابو يوسف
شباب عرب (صلى على محمد)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
|| الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب ||
كاتب الموضوع
رسالة
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:20 pm
الأدب الســاخر
ألم الناس ليس مادة للكتابة، لكن حينما يتعلق الأمر بالكتابة الساخرة فهناك مسوغات كثيرة للكاتب، يعلّق عليها أملاً بالتغيير أو التبصير بالواقع بطريقة ساخرة خفيفة. السخرية ليست هدفاً بقدر ما هو التعبير عن الآلام والأحلام وحزن الناس والأحداث، وأمور الحياة اليومية.
يعبرون عن الآلام والأحزان بطريقتهم الخاصة، ويقدمون هموم مجتمعهم على شكل ابتسامات ومفارقات، ربما لأن الانسان لا يستطيع العيش حزينا طوال الوقت، وفي عصرنا المتسارع هذا نبحث دائما وطوال الوقت عن شيء ينسي الإنسان همومه ويصُُيرها ألطف وأرق مما هي في الحقيقة.
هؤلاء الأدباء أو الصحفيون يكتبون ما لديهم باللهجة الشعبية حينا وبالفصحى حينا آخر، ولكل كاتب منهجه وطريقته التي يمتاز بها عن غيره من الكُتاب، لكن ما يشترك به كل هؤلاء هو حب الأرض والشعب ونبذ القهر والظلم.
الأدب الساخر تنطوي تحته أنواع: فهناك الشعر الساخر، القصة الساخرة والخاطرة والمقالة الصحفية الساخرة، وكلها طرائق متعددة لقول ما يشغل بال الكاتب في الحياة من حوله، ليتناول التناقضات في المجتمع، الممارسات السلبية، الأحداث والشخصيات السياسية، المشاكل الإجتماعية وحتى النفسية والمادية، وغيرها من المواضيع التي لا تنتهي.
أحمد رجب من مصر، محمد الماغوط، وزكريا تامر وشريف الراس من سوريا، إميل حبيبي ومحمود شقير من فلسطين ومن السعودية أحمد قنديل، لهؤلاء المكانة الأبرز عربياً في الكتابة الساخرة، وأسماؤهم لمعت وعرفت من خلال ما قدموه لهذا الأدب.
أردنيا، هناك محمد طُمليه، يوسف غيشان، ابراهيم جابر، أحمد أبو خليل، رسمي أبو علي ، فخري قعوار، أحمد الزعبي، عبدالهادي المجالي، وغيرهم ممن يكتبون في المجال الساخر.مؤنس الرزاز ولطفي عثمان مَلحَسْ في كتابه "دبابيس"، من الأدباء الراحلين الذين كتبوا وقدموا لنا من أروع الأعمال في هذا الأدب.
أدب ساخر أم أدب ضاحك
الفرق كبير ما بين الأدب الساخر والأدب الضاحك والمتمثل في النكات الشفوية، فغسان كنفاني وهو ممن كتبوا المقالات الساخرة التي كانت تصدر في ملحق الأنوار ضمن مجلة الصياد يقول في تعريفه للكتابة الساخرة "إن السخرية ليست تنكيتاً ساذجاً على مظاهر الأشياء، ولكنها تشبه نوعا خاصاً من التحليل العميق. إن الفارق بين النكتجي والكاتب الساخر يشابه الفارق بين الحنطور والطائرة، وإذا لم يكن للكاتب الساخر نظرية فكرية فإنه يضحى مهرجاً".
ويفرق الكاتب السوري نجم الدين السمان في مقالته "آراء، الأدب الساخر، خيط رفيع بين التهريج وإدماء الروح بين (الأدب الساخر والنكته الشفوية) فيقول "إذا كانت السخرية لمجرد إضحاك القارئ، فهناك: النكتة الشفوية، التي تقوم بهذا الفعل الانساني على أكمل وجه، وبأسرع ما يكون الإيصال ويكون التكثيف. السخرية الشفوية.. وليدة حاجة البشر إليها، وليدة ساعتها، وقد تنقضي بعد انقضاء ضحكاتها".
بنظر السمان فالسخرية في الأدب خصوصاً هي "موقف من العالم، التقاط لأبرز مفارقاته، هجاء لنقائضه، يدمي الروح في اللحظة ذاتها التي يضحك فيها الكائن البشري على ضعفه وتخاذله وخساسته وابتذاله، قبل أن يضحك بسببها على الآخرين".
فالأدب الساخر "يحصن الروح الإنسانية عن صمتها وخوفها وترددها في التعبير والتصريح وإثارة الاسئلة، حتى لكأنه آخر ملاذات الكائن من اغتيال كينونته، بل.. نافذته على قهقهة مديدة مغمسة بالألم تسُخر لتهجو الطغاة والجلادين وكتبة التقارير وقتلة الحب والجمال وضحكات الأمل" كما يقول السمان في مقالته.
الكاتب شوقي بغدادي يتحدث عن هذا المضحِك بجدية معتمة، فيقول: " إن ازدهار أدب السخرية مرتبط على ما يبدو بأجواء الكتابة المنفتحة على التنوع والاختلاف وحرية الإبداع وأنه كلما ضاقت هذه المساحة لسبب او لآخر سادت الكتابة الجادة أو تحول أدب السخرية الى ما سميناه سخرية سوداء. نحن بحاجة شديدة الى أن نضحك كما هي حاجتنا الى أن نبكي ونرقص ونلعب ونكافح ونقاوم وهذه الأنشطة المتنوعة لا تزدهر في اعتقادي في مجموعها الا بأجواء الحريات العامة والتحرر من التزمت والتعصب وهو ما نحتاج اليه الآن، قليل من الضحك في هذا المناخ العربي البائس المعتم". السخرية بالنسبة لشوقي بغدادي هي "صمام الأمان الذي يمنع طنجرة الضغط التي أحملها فوق كتفي من الانفجار! هي وسيلتي كانسان ضعيف للتوازن في هذا العالم المليء، هي فن (الخيمياء) الذي يحول معادن الحياة اليومية الخسيسة الى معادن نفيسة! بالسخرية يتحول الالم الى ضوء والعجز الى افكار". يوسف غيشان الذي فاز بجائزة الحسين للإبداع الصحافي في مجال المقالة الصحافية التي تشرف عليها نقابة الصحافيين الأردنيين، يعرف الكتابة الساخرة بمنظوره الخاص ليقول "كل ما أعرفه أن السخرية والضحك عمل جماعي وأنه عمل يحتاج للآخر بشكل جوهري، إنه عمل اجتماعي بالضرورة، والآخر هو الأساس في التعاطي مع السخرية. قد أميل قليلاً إلى تصديق علماء النفس الذين يدّعون بأن السخرية بشكل عام هي سلاح فردي يستخدمه الفرد للدفاع عن جبهته الداخلية ضد الخواء والجنون غير المطبق، وهي مانعة صواعق ضد الإنهيار النفسي، إذ بجسد منهك وبقلم رديء الصنع تستطيع إخفاء هشاشتك الداخلية أمام الآخرين سواء كانوا أفرادا أم جماعات. أم قوى سائدة تتحكم في مقدرات المجتمع وقراراته المصيرية".
تعرية القبح وليس امتداح الجمال هو هدف الساخر برأي يوسف غيشان ويضيف "هدفه نقد الحكومات وليس التغزل بلغاليغها، حتى لوكانت تلك اللغاليغ جميلة ومدهونة جيدا بالمساحيق السادّة للمسامات والتجعدات والضمائر. قد تكون السخرية العربية امتدادا طبيعيا ومطورا للهجاء العربي الذي انتقل من هجو الفرد إلى هجو الجماعات، وكان الرسول الكريم يحث شاعره حسان بن ثابت على هجو الأعداء وليس على نظم المدائح في زهد أو شجاعة أو عمق ايمان الصحابة".
فيوسف غيشان في لقائنا به يؤكد بأنه "يوجد أدب ساخر ومقالة ساخرة، والسخرية أسلوب لتوريط القارئ في إيصال وجهة نظر جادة، لكن إذا أردت أن تحولها إلى مقالة ذات طابع صحفي أو إلى أدب فهي قصة لها علاقة بنوع المادة، لنقل مادة سريعة لغتها بسيطة".
الكاتب الساخر أكثر حظاً ردود الفعل التي يتلقاها الكاتب الساخر كثيرة، كيف يجدها غيشان؟
"من خلال الرسائل التي تأتيني من الانترنت والعلاقات، الكاتب الساخر محظوظ جداً، حتى لو كان كاتبا ساخرا ضعيفا مثلاً، يلقى عددا كبيرا من القراء أكثر من الكتاب الجادين، حتى لو كان بالمادة التي يطرحها ضعفاً، وذلك لأن هذه الكتابة شعبية، بها تمرد على اللغة والقوالب اللفظية وأحيانا على المفاهيم والقيم السائدة".
ومع ذلك فالكتاب الساخرين معدودين على الأصابع لكن يقول غيشان"لقد بدأوا يزدادون عدداً، ففي الأردن هناك من خمس الى ست كتاب، وهذا عدد كبير بالنسبة لعدد الشعب، وقد أتيح لهم أن يأخذوا زاوية محررة على اعتبار أنها كتابة ناقدة، بينما هناك كّتاب ليست متاحة لهم، وبالمجمل الكتاب الساخرين بالعالم نادرين وليس فقط بالعالم العربي، وبهذا الحجم المتواجد لدينا ومع نفس صغير من الحرية أدى إلى وجود من ست إلى عشر كتاب في الأردن، وهذا شيء ممتاز".
ماذا تحتاج الكتابة الساخرة؟
يقول غيشان "لا بد من وجود حس للأشياء وقدرة على التمرد والتجديد واندهاش دائم وحس نقدي وثقافة كبيرة ومتنوعة".
كاسة شاي وزيت وزعتر
لهجته القريبة من الناس توصله إليهم مباشرة، يحمل في جعبته الكثير من المفارقات الإجتماعية لينتقدها ويصفها بطريقته المتهكمه، أسلوبه الكتابي يشد القارىء البسيط له، هو حال الكاتب الساخر، وأحمد الزعبي كاتب مختص بمجتمعه الوادع البسيط، وشعبه المكتفي "بكاسة الشاي والزيت والزعتر على فطوره اليومي". ظهر منذ فترة قصيرة ككاتب مقالات ساخرة في جريدة الرأي.
ويعرّف الزعبي الأدب الساخر أنه "أعرق أسلحة البشر وألطفها فهي سلاح الفقير على الغني والضعيف على القوي وسلاح المظلوم على الظالم. النص الساخر هو الخلطة السرية بين اللغة والمفردة والحكاية الشعبية واصطياد المفارقة في المشهد والخبر والحدوته. سواء أكان هذا النص نكته شفوية أو نص ساخر مكتوب".
لماذا اخترت هذا الأدب بالذات؟
يجيب الزعبي "الأدب الساخر هو الأقرب للناس لأنه ينقل المشهد من قاع المدينة ومن المعاناة الفردية للأشخاص. الكاتب الساخر يقوم بعمل المغناطيس عندما يلتقط الاحداث البسيطة، والمشاهد غير الواضحة للعالم التي ينقلها بحرفية اكثر، الكاتب الساخر يتقاطع أيضا مع رسام الكاريكاتير بنقل المشهد بعموميته وتفاصيله الدقيقة".
استخدام الكلام العامي في المقالة الساخرة ليس أساساً، ويقول الزعبي"هو ليس أساساً لكنه يكون ضروريا أحيانا لتوصيل الفكرة؛ ففي مصر يستخدم الكاتب أحمد رجب المفردة المصرية الشعبية بشكل متوسع، على عكس الكاتب محمد الماغوط الذي يستخدم اللغة العربية الفصحى، فمن أساس تعريف الأدب الساخر أنه الخلطه السرية بين اللغة والمفردة والحكاية الشعبية".
"أحبذ تناول المفردة الشعبية حتى تكون أقرب الى القارىء".
الفن الساخر فن صعب، لكن بالنسبة للكاتب هل هي موهبة أم هي شيء يكتسبه عبر الأيام؟
يقول الزعبي "هي موهبة بالدرجة الاولى، ثم تنميها المهارات، كم تدرس وكم تعتني بمفردتك وكم تشتغل عليها، لكنها بالدرجة الأولى موهبة، فيجب أن تكون لديك بوادر كتابة ساخرة، بالنسبة لي أنا بدأت كمقلد، منذ الصغر كنت أرى الكبار في السن وأقوم بتقليدهم، لكن الأدب الساخر يكون أحيانا نتيجة لمعاناة، سواء أكانت معاناة عاطفية أو اجتماعية أو غيرها فتعبر عنها أنت بسخريتك".
الأدب الساخر يضحكنا أحيانا لكنه ما يلبث أن يحزننا، يعلق الزعبي "السخرية الحزينة هي أشدها مرارة، ولكني أعود للتعريف، فالأدب الساخر هو أعرق الأسلحة وألطفها، لأنها تعبر عن الواقع المرير بالضحكة وأحيانا بالضحكة المرة، الناتجة عن المعاناة والإحباط".
الكّتاب المعروفين في الأردن محدودين ولا يكادوا أن يكونوا معروفين إلا هؤلاء الذين يظهرون هنا أو هناك، يعلق الزعبي حول هذا "الكتابة الساخرة كتابة صعبة، فهناك شعرة بسيطة بين الأدب الساخر وبين (ثقالة الدم) فصعب جدا الوقوف بين هذا الميزان، بين الكتابة الساخرة وبين الإستهزاء بالقارىء، فهم قلة الذين يجيدون هذه الحرفة"
أصبحنا نرى في كل جريدة محلية على الأقل، كاتب أو كاتبين ساخرين، مثلما نرى في فن الكاريكاتير، فكل جريدة فيها فنان كاريكاتير يومي، فهل يعزى ذلك لتزيد هذه الجرائد من قراءها، وتزيد شعبيتها ومبيعاتها؟
"نعم أصبح في كل جريدة كاتب أو أكثر، لأن الكاتب يعتبر همزة وصل بين القارىء والجريدة، وأحيانا بين القارىء وبين صاحب القرار، وأحيانا بين صاحب القرار وبين المعني من القرار، فالكاتب ينقل الصورة بطريقة خفيفة بدون أي تعقيدات أو تلقين أو مباشرة بالحديث، وينقلها من حديث الشارع الى صاحب القرار. بعض الكتاب الساخرين ينقل تجاربه الشخصية بطريقة ساخرة. فبكل جريدة يكون هناك أعمدة للتحليل السياسي، والتحليل الاقتصادي، وأعمدة اجتماعية، بالتالي تكون المقالة همزة وصل بين القارىء وبين الجريدة".
"لا أعتقد أن الجرائد تعتمد على الكتاب الساخرين لزيادة المبيعات، لأن هناك جرائد على المستوى العربي كالخليج والبيان الإماراتية وهما من أكثر الجرائد مبيعاً في الوطن العربي، وليس فيها كتاب ساخرين".
للأدب الساخر جذور
بدايات الأدب الساخر، يتحدث عنها الصحفي والكاتب الساخر، أحمد أبو خليل "الأردن حديث العهد بالكتابة والنشر، ومصطفى وهبي التل (عرار) كان في نمط كتابته بعض التهكم من المجتمع، فلم يكن هناك احتراف بالأدب الساخر. في مرحلة لاحقة بدأت تظهر صحف متخصصة في التهكم الساخر، وفي الفترة التي كان فيها انفتاح حريات أكثر من الوضع الحالي في الأربعينات والخمسينات، نشأت عدد من الصحف المتخصصة في النظرة الساخرة. وتبقى لطفي ملحس وهاشم السعد الذي أنشأ صحيفة الصريح. لكن للإطلاع على كل الأدب الساخر في تلك الفترة فقد كانت تعلوه النبرة التهكمية، لكن هم أنفسهم لم يصنفوا أنفسهم ككتاب ساخرين. وكذلك الكاتب فخري قعوار الذي كان رائدا بالقصة والمقالة الساخرة بالأردن لفترة معينة".
"الأدب الساخر هو أسلوب من أساليب التعبير مثلها مثل أي شكل آخر من حيث فائدته لمن يستمع أو يقرأ، تقدم المعرفة وتقدم المفارقة ولكن ما يميزها بالأساس أنها تقدم الضحكة والابتسامة فيشترط في الكتابة الساخرة أن تثير مفارقة تدعو الى الضحك" يقول أبو خليل.وعن الفرق بين المقالة الساخرة والأدب الساخر، يعلق أبو خليل "الأدب الساخر فيه نشاط إبداعي أما المقالة الساخرة فيمكن أن تكون مرتبطة بأحداث أو موقف الكاتب من قضية يتخذ فيها موقف التهكم والسخرية من الأحداث، لكن القصة الساخرة ليست مقالة ساخرة فهما نمطين مختلفين".
وما يزال الكُّتاب الساخرون يزدادون
وفي الأردن "اصبح هناك كتاب ساخرين في كل جريدة يعلقون على الأحداث الجارية. لكن بعض المداخل لها قصة معينة تحتمل الديمومة وبالتالي تتحول الى قطعة أدبية مع أنها كتبت في الأصل مقالة، لكن إذا كانت تحمل صفة التهكم من قضية أو موقف إنساني عام فإنها تحمل الديمومية وتقترب من الأدب. لكن هناك مثلا محمد طمليه، يوسف غيشان يكتبان أدب ساخر، بينما أنا أكتب مقالة ساخرة قد يكون فيها مقطع إجتماعي فيه ملامح أدبية".
النكتة مفارقة معينة عند لحظة، بمشهد أو رواية عن شيء حصل فتصبح كأنها نكته، او المفارقات التي تحصل على اللغة، يقول أبو خليل، ويتابع "الكتابة الساخرة مستوى آخر من التهكم والسخرية تختلف عن النكته لأنها تحتمل موقف اشمل لأنها تحكي عن كشف مفارقة وما هو غير رسمي من الظواهر بحياة الإنسان والمجتمع أن يكون هناك مشهد عام تقليدي يراه الناس طبيعي ولكن إذا نظرنا إليه من زاوية أخرى مختلفة حقيقية نتحول حينها الى السخرية".
تتشابه سمات المقالة الساخرة من الرسم الكاريكاتيري، لكن يوضح أبو خليل "الكاريكاتير قديم ورافقه الرسم أي أن يكون المقالة الصحفية مرفقة برسم؛ ثم صار الكاريكاتير تقليد جديد فالمادة الكاريكاتيرية لها جاذبية خاصة، لكن الكتابة الساخرة مرت سنوات ولم يكن بالجرائد أي كاتب ساخر".
السخرية فن له شعبيته ومحبيه؛ من البسطاء والشعبين الى الأغنياء والمسؤولين. هو أدب مصدره الشعب وموئله الشعب. والأدب الساخر له خصوصية تميزه عن باقي الآداب الأخرى، سواء تمثل في القصة الساخرة أو الشعر أو المقالة الصحفية الساخرة.
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:21 pm
كتابات ساخرة لأحمد رجب
أهلا يا حب
من المعالم المميزة لحلول الربيع فى العالم كله : تفتح الزهر , و اخضرار الشجر , و الاحساس ببهجة الدنيا , و استعداد القلب لآهات الهوى , و استعداد وزراء التخطيط لزيادة جديدة فى النسل .
غير أن المعالم المميزة للربيع عندنا بالذات تختلف نوعا , إذ تكتسى الدنيا بلون ذهبى شاعرى هو صفرة الخماسين , و ينفض الطير عنه خمول البيات الشتوى , فتطير أسراب الهاموش فى كل اتجاه لتعلن مولد فصل الربيع المبارك , فما أن تحيط أسرابه بالإنسان ساعة العصارى عائدة بعد الشتاء , حتى يشعر بدغدغة فى مشاعره , و يخفق منه القلب , و يستغرق فى أحلام الحب و تنهيدات المساء !
و لعل ما يؤكد أن أغانينا غير واقعية , هو خلوها تماما من الاشارة إلى الهاموش , فهى تكتفى بأن تشير إلى تفتح الزهر و تورق الغصن و لا تشير إلى إقبال الهاموش , كما ندهش حقا لأغنية تقول آدى الربيع عاد من تانى و لا تقول آدى الهاموش عاد من تانى , كذلك لم نسمع على لسان عاشق موالا يعبر فيه عن مشاعره التى اتقدت مع مقدم الربيع بقوله : ابكى يا عين ع اللى فاتوه احبابه .. فاتوه وحيد ماحد يطرق بابه .. و عاد حنينه و أنينه و قادت الاشواق .. لما عاد الهاموش تانى بأسرابه .
صديق العاشق !
بل إن دور الهاموش لا يقتصر على شعللة العواطف فى قلوب المحبين عند مقدمه بعد البيات الشتوى , فإن هذا الكائن الربيعى الرقيق الجميل - الهاموش - يعتبر صديقا للعشاق , فربما لم يتح لك ارتياد حديقة عامة هادئة ساعة العصارى , إذ ستلمح أكواما عالية أشبه بأكوام الردة هنا و هناك , و لو أنك مددت يدك إلى أحد هذه الأكوام و أزلت جانبا من الردة لوجدتها هاموشا كثيفا يخفى تحته عاشقين غارقين فى القبلات , و كم هو لطيف من الهاموش أن يتراكم فوق العشاق فى حديقة عامة ستر و غطا ليخفيهم عن فضول العيون و العوازل و رقابة المصنفات الفنية .
... و دور الشرير ؟؟
غير أن هذا الكائن الربيعى الرقيق الجميل - الهاموش - لم يسلم من الهجوم القاسى كحظ كل شئ جميل فى بلادنا , إذ شنت الصحف - منذ سنوات - حملة على محافظة القاهرة الكبرة تطالب فيها أجهزة النظافة بإزالة هذا البلاء الكثيف من جو القاهرة و الجيزة , ثم اشتدت الحملة عندما فوجئ الناس ذات يوم بأن درجة الرؤية فى ميدان التحرير أصبحت صفرا بسبب كثافة الهاموش , و ظهرت أجسام الناس أشبه بالسمك المشوى بالردة قبل دخوله النار .
و استغل أحد المخرجين الأذكياء تلك الضجة الكبرى , فجاء يطلب منى أن أكتب قصة سينمائية اسمها ( الهاموش ) , ليخرجها على غرار فيلم الطيور لهتشكوك , فكما هاجمت الطيور قرية فى الفيلم الهتشكوكى , يهاجم الهاموش سكان القاهرة , و مع أن الحدوتة فى دماغه جاهزة - قال المخرج - إلا أنها ينقصها " الفيلين " أو شرير الفيلم , ذلك أن الفيلم العربى عادة كحدوتة ستى تماما يقوم على ثلاثة أركان : الشاطر حسن البطل , و ست الحسن البطلة , أما الشرير فهو أمنا الغولة . و لا بد من دور لأمنا الغولة .. و اقترحت على المخرج أن يكون الشرير هو صاحب فكرة إطلاق الهاموش على القاهرة , فهو مجرم خطير هارب من العدالة و الشرطة تتعقبه , لكنه فى ظل الهاموش يمشى آمنا فى الشوارع مادام الهاموش يغطيه كله طوال سيره ثم يتبين فى نهاية الفيلم أنه يربى الهاموش خصيصا لهذا الغرض , و أن عنده ( غية ) هاموش فى مغاراته بالجبل , و أنه يعتز بهاموشتين اعتزازا خاصا هاموشة اسمها ( بوسى ) حاطط لها فيونكة حمرا فى رقبتها , و هاموش ذكر اسمه ( لاكى ) .
نار الشوق !
ثم جاءنى المخرج يقول أن الموزع غير راضٍ عن أن يكون اسم الفيلم ( الهاموش ) فهو اسم لا يصلح للشباك و لا بد من اسم فيه سكس , و بعد استعراض أسماء " هاموش على الجسم الوردى " و " سيقانها و الهاموش " و غيرهما , استقر الرأى على اسم " جسد و حب و دلع و هاموش " .
ثم تحولت القصة إلى قصة جديدة أخرى . فالبطل و البطلة تزوجا بعد قصة حب نارية , و ما أن يمضى شهر العسل حتى تدب بينهما الخلافات بسبب الملل . و فى كل خناقة تغضب البطلة و تلم هدومها و تروح على بيت أمها , و فى آخر مرة , بعد أن ظلت فى بيت أمها أسبوعين , يشعر نحوها البطل بالشوق , لكنه يفاجأ و هو فى طريقه إلى بيت أمها بأسراب الهاموش تحيل الدنيا إلى ضباب هاموشى تتعذر معه الرؤية , و يعود البطل مع البطلة إلى بيتهما بصعوبة , و لكنه لا يستطيع بعد ذلك أن يرى وجهها بسبب الهاموش الكثيف و كذلك هى , و مع الأيام يكاد يجن شوقا إلى رؤياها بينما هى يمزقها حنين جارف إلى رؤياه . و يظلان على هذه الحال شهورا طويلة تمتنع خلالها الخلافات بينهما تماما , و هنا ندرك المغزى العظيم و هو أن الزواج لا تفسده إلا الرؤية اليومية لبعضهما البعض , فهى لا تتيح فرصة للشوق و الحنين . و ينهار البطل من لهفته و اشتياقه إلى رؤيتها و هما فى بيت واحد , و تنتاب البطلة حالات هستيرية من شدة شوقها إلى رؤياه . و يضرب رأسه فى الحائط باكيا : عايز أشوفك عايز أشوفك . و تغنى له هى أغنية دامعة ماليش أمل فى الدنيا دى غير إنى أشوفك بعنيه , كما حدد المخرج موقفا آخر تغنى له فيه : فرق مابينا ليه الهاموش .
و ينتهى الفيلم نهاية سعيدة إذ يقرر البطل و البطلة السفر إلى أثينا لرؤية بعضهما البعض, و لا شك أن التصوير فى أثينا - قال المخرج - يعطى الفيلم صفة العالمية .
من أنا ؟
و لم نتفق بعد ذلك على تفاصيل هذه القصة العالمية المؤثرة , إذ حدث - أمام الحملة الصحفية على المحافظة - أن أدلى مسئول بالمحافظة - و والله هذا حصل فعلا - ببيان قال فيه أن مقاومة الهاموش ليس من اختصاص المحافظة و لكنها من اختصاص وزارة الزراعة لأن الهاموش من الحشرات الزراعية التى تتجه إلى المزروعات لا إلى بنى آدم !
يومها جاءنى المخرج يسألنى - بناء على هذا البيان - أى أنواع المزروعات بالضبط ينتمى الإنسان القاهرى ؟ هل أصله بدنجانة ؟ هل أصله ملوخية ؟ و نصحته أن يتصل بمسئول المحافظة الذى قال هذا الكلام فأدار قرص التليفون و راح يسأله :
- بمناسبة بيانكم عن الهاموش .. هل يمكن الاستفسار عن بعض النقاط الغامضة ؟ - مثل ؟ - هل الإنسان القاهرى أصله كوسة ؟ - كل شئ جايز .. اسأل وزارة الزراعة . - ممكن يكون أصله قطن ؟ - كل شئ جايز . - إذا كان أصلنا قطن . هل تقترح أن نطالب وزارة الزراعة برشنا بالتوكسافين ؟ - كل شئ جايز. - هل يفهم من بينكم أن الهاموش يفقس و يتوالد على لحم البنى آدم القاهرى دون أن يشعر أن ملايين الهاموش قد فقس فوق جلده ؟ - كل شئ جايز . - هل تقترح سيادتك فى هذه الحالة أن يجمع كل إنسان قاهرى عددا من الأنفار علشان ينقوا لطع الهاموش من على جلده ؟ - كل شئ جايز .
و اختمرت القصة فى ذهن المخرج قصة رائعة حقا بعد هذا الحوار . قصة شاب يعيش سعيدا بين أسرته و يتأهب للزواج من البطلة الجميلة . و ذات يوم يسمع بيان المحافظة بأن الهاموش من الحشرات الزراعية التى تتجه إلى المزروعات لا الانسان , فيدرك من تراكم الهاموش عليه أنه قطعا من المزروعات . هنا يواجه والده و يقول له فى موقف مأساوى قائلا : أنا مش ابنك . أنا عرفت كل حاجة أنا عرفت كل حاجة . أنا أبويا زرعاية و أمى زرعاية ثم يرتمى فى أحضان أمه مودعا .. شاكرا لها تربيتها له و يخرج من البيت هائما على وجهه يبحث عن أسرته الحقيقية , متسائلا إن كان أصله فول حراتى أم عدس أسود أم ارنبيط , و تحرص البطلة على الوقوف إلى جانبه فى محنة البحث عن أصله و فصله . و ذات ليلة يفر البطل من جانبها وسط الحقول و يشعر أن قدميه تجتذبانه رغما عنه إلى غيط الخرشوف . لا بد أن أصله خرشوفة . و يقترب من أكبر خرشوفة يسألها : - ماما ؟؟ لكن البطلة تلحق به و تجتذبه برفق , و تجلس معه على شاطئ الترعة , ثم تغيب معه فى قبلة طويلة , ثم بعد القبلة تحرك شفتيها و كأنها ( تستطعم ) شيئا , ثم تنفرج أساريرها لتعلن أنها قد عرفت أصله و فصله بعد هذه القبلة , و يسألها فى لهفة : لقيتى طعمى إيه ؟ بامية ؟ قلقاس ؟ فترد لتزف إليه البشرى : لا .. بصل . هنا ينتهى الفيلم و البطل يحضن بصلة فى سعادة ناطقا بالعبارة الأخيرة فى معظم الأفلام : أمى حبيبتى .. أمى حبيبتى .
و لم يظهر الفيلم , و بقى الهاموش عاما بعد عام , يخرج له كل يوم موكب عظيم فخم من رجال المحافظة , يتجهون إلى سرادق مقام بأعلى المقطم , يعلنون فيه - مع رؤية أول هاموشة فى الأفق - ثبوت رؤية الربيع !
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:21 pm
و قال الدكتور عتريس
فى الساعة السابعة من مساء ذلك اليوم اكتشفت أننى أكلم نفسى , و يبدو أن كلامى مع نفسى بدأ بصوت هامس ثم أخذ يتدرج فى الارتفاع حتى تنبهت إلى ذلك .
إن كثيرا من الناس يكلمون أنفسهم , و لا يعرف الواحد منهم إن كانت هذه الحالة قد جاءته فجأة أم هى نتيجة طبيعية للزواج و مسئولياته , لكننى أعرف جيدا لماذا أكلم نفسى , فالفضل فى ذلك للبرنامج التليفزيونى " الوقاية خير من العلاج " . إن هذا البرنامج - الذى اكتشفته زوجتى - شجعنى لكى أكلم نفسى , و استضاف طبيبا قال : إن من الطبيعى أن يكلم الإنسان نفسه أثناء التفكير , فما التفكير إلا حوار بين الإنسان و ذاته , و لا مانع من أن يفكر الإنسان أحيانا بصوت مرتفع .
لقد اكتشفت أن الحوار بصوت مرتفع بينى و بين نفسى يعطى للألفاظ وضوحا أكثر للمعنى و قوة أكبر فى الإقناع , لقد أتاح لى خلو المنزل من زوجتى فرصة المناقشة الذاتية فى حرية تامة , و لم يقطع مسار هذا الحوار المثمر إلا جرس الباب . ظننت أن زوجتى عادت من عند الطبيب , و لكن الطارق كان جارى فؤاد .. و قد بدا عليه انزعاج واضح و هو يسألنى : من الذى تشتبك معه فى هذا الحوار الصاخب ؟.. فلما عرف أننى وحدى عاد يستفسر فى دهشة : إذن من الذى كنت تقول له مرارا : أنت حمار ؟
و إذا كنت يومها قد أخفيت عن جارى فؤاد أننى أتكلم مع نفسى , إلا أننى أصبحت أفعل ذلك فيما بعد بدون خجل , فبفضل زوجتى أصبح جيراننا جميعا - و معهم فؤاد و زوجته - من أشد المقتنعين بهذا البرنامج النافع العظيم " الوقاية خير من العلاج " . كلنا ننتظر مواعده , و نستمع إلى نصائحه , و نستمد منه الوعى الصحى , فنحن جميعا قد تجاوزنا منتصف العمر و أصبحت مشكلتنا الصحية هى مشكلة صيانة , خاصة أن الدكتور عتريس - أحد نجوم البرنامج - ينبهنا دائما بعبارته المأثورة إن كل الأمراض تكمن داخل جسمك و كل مرض منها ينتظر أول فرصة له عند ضعف المقاومة أو المناعة أمامه .
لهذا أصبحنا نزور الأطباء كثيرا , و فى أقل من شهر مثلا ذهبت زوجتى إلى أخصائى جهاز هضمى , و طبيب عيون , و أخصائى غدة , ثم أخصائى أنف و أذن وحنجرة , صحيح أن نتائج الفحص و الآشعة و التحاليل أثبتت أنه ليس هناك أى أثر لأى مرض , و صحيح أننى بعت نصيبى من قطعة الأرض , و لكن هذا كله لا يهم , فالحيطة واجبة .
و لعل أكثر ما شغل زوجتى بعد ذلك هو تلك البقعة الحمراء فى ظهر يدها التى نبه لها طبيب الأمراض الجلدية فى البرنامج قائلا : عند ظهور هذه البقعة فعليك أن تقاوم الرغبة بحكها بأظافرك , و سوف ترتفع درجة حرارتك , فاعرض نفسك على طبيب .
عقب انتهاء البرنامج , لاحظت زوجتى وجود هذه البقعة الحمراء فى يدها , و بدأت تقاوم بصعوبة الرغبة فى حكها بأظافرها , و باتت الليل تعانى و الترمومتر فى فمها يسجل ارتفاع نصف درجة .
و فى اليوم التالى فشلت زوجتى فى الحصول على موعد قبل شهر عند طبيب الأمراض الجلدية الكبير . و توسلنا ببعض الأقارب من أصدقاء الطبيب الكبير , فرضى أن نحجز موعدا مستعجلا بمائة جنيه بعد أربعة أيام , و فى خلال تلك الأيام الأربعة لزمت المسكينة الفراش تتألم , و كلما توافد على غرفتها بالبيت وفد من الأهل و الأصدقاء أرتهم البقعة الحمراء فى ظهر يدها و انخرطت فى البكاء .
و كثر كلامى مع نفسى فهو يكثر فى حالات الأم و حالات السرور . ثم زاد كلامى مع نفسى عن الحد المعقول عندما تأكد لى أن الطبيب استحق المائة جنيه عن جدارة , فقد اكتشف أن النقطة الحمراء على ظهر يد زوجتى هى نقطة من مطهر الميكروكروم , سقطت على يدها أثناء استعمال الزجاجة , و عندما عرفت زوجتى أنه ميكروكروم زال عنها الألم تماما و تم الشفاء و الحمد لله .
******
على الشاشة الصغيرة , ظهر الدكتور عتريس يردد كلمته المأثورة : إن كل الأمراض تكمن داخل جسمك , و كل مرض منها ينتظر أول فرصة له عند ضعف المقاومة أو المناعة أمامه , ثم انبرى بعد ذلك أخصائى يقول : من المعدة تبدأ كل الأمراض , لكنك تستطيع أن تتقى شرها جميعا باللبن و الزبادى , الزبادى صديق المعدة , الزبادى يطيل العمر , فلتكن وجبتك زبادى , و بين الوجبة و الوجبة زبادى .
و كان ولاؤنا للزبادى عظيما , و لم يعد لنا من طعام سواه , و عندما حدثت أزمة زبادى فى المدينة أدركنا أن جارنا فؤاد هو السبب , فقد كان حريصا على أن يطيل عمره , كان يتناول بين وجبة الزبادى و وجبة الزبادى وجبة ثالثة من الزبادى , و بلغت دقته فى تنفيذ تعليمات طبيب البرنامج درجة عظيمة , حتى أنهم نقلوه إلى المستشفى و أجروا له غسيل معدة , و جاءت سيارات المطافئ لشفط كميات الزبادى من الشوارع المحيطة بالمستشفى .
*****
و لقد كان برنامجا حافلا ذلك الذى قدمه ذات ليلة الدكتور عتريس .. سرد أنواع السموم التى يمكن أن يصاب بها الإنسان خطأ , و قدم معها الترياق المضاد لكل سم . و سجلت زوجتى هذه المعلومات النافعة على شريط فيديو , و اتخذت من هذا الشريط مرجعا تستذكر منه الأعراض المختلفة التى تظهر على الانسان عند تناوله كل سم , ثم طريقة العلاج , حتى أنها أصبحت عليمة بكيفية علاج حالات التسمم بأملاح النحاس و الصودا و البوتاسا الكاوية و الليزول و الاتروبين و الكحول و اليود و المخدرات و غيرها و غيرها .
و لقد انتهت مذاكرتها لهذا الشريط التليفزيونى بنظرة متأملة إلى كلبها الصغير ( تانجو ) ثم ما لبثت نظرتها إليه أن تحولت إلى فزع يكسو ملامح وجهها و هى تنادى الكلب القابع أمامها : تانجو .. تانجو .
سألتها و قد رأيت الكلب لا يستجيب للنداء : ماذا به ؟ قالت : يا مصيبتى ! واضح إن عنده أعراض تسمم بالكوكايين . - كوكايين ؟ - لا شك .. أنه كوكايين . - من أين جاء بالكوكايين . هل تعتقدين أنه يشم الكوكايين من خلف ظهرنا ؟ - انظر .. هذه هى أعراض التسمم بالكوكايين .. اتساع حدقة العين .. الشحوب .. بطء التنفس .. سرعة النبض .. العرق البارد . - و لكن الكلاب لا تعرق يا حبيبتى لأنه ليس لها غدد عرقية .. إنها تلهث بدلا من ... قاطعتنى : - هذا العرق بسبب الكوكايين .
تجمع الجيران فى شقتنا يواسون زوجتى الباكية , و زادت حالتها النفسية سوءا لأن تانجو قاوم كل محاولات الاسعافات الأولية التى حاولت زوجتى أن تجريها له , فرفض شرب فنجان شاى أسود قوى , و لم يستجب و هى تحاول أن تساعده على التنفس الصناعى !
و أسرعت زوجتى بالكلب إلى الطبيب , و بقيت فى الشقة مع الجيران , و ما لبث أن قال أحدهم : - كان يجب أن تكون حريصا فلا تترك الكوكايين فى متناول الكلب . - و لكنى لا أتعاطى الكوكايين . فعلق آخر : يا رجل لا داعى للانكار . و قال ثالث ساخرا : لا بد أن تانجو نزل إلى السوق و اشترى لنفسه الكوكايين . و قال الرابع : تصور أننى لم أشاهد الكوكايين .. أرنى ما شكله و لونه ؟ .. أريد ..
و لم يكمل الرجل عبارته , فقد نهرته زوجته قائلة : هل وصل بك الحال إلى أنك تريد تعاطى الكوكايين مثل هذا الشمام ؟
كان حضور منى - زوجة فؤاد - إلى الشقة فجأة بمثابة إنقاذ لى من ذلك الحرج القاتل و الجيران يرمقوننى بنظرات رخيصة كشمام كوكايين . لقد جاءت منى تولول قائلة إن زوجها يدور فى الغرفة بخطوات متثاقلة كفرانكشتاين , و يتهته بكلمات غير مفهومة .
صاح جار يسألها : هل فمه يلعب ؟ قالت منى : إنه لا يكف عن تلعيب فمه .. كيف عرفت ؟ قال الجار : هذا ما كان يتحدث عنه برنامج " الوقاية خير من العلاج " قال : إن هذه أعراض تيبس العضلات .
لم أعرف ما الذى جرى لفؤاد فى تلك الليلة , فقد انفضوا جميعا من حولى و اتجهوا إلى شقة فؤاد , و من نافذة المنور جاءت أصوات بعض الجيران الذين لا أعرفهم تتحدث عنى ..!! " كنا نظن إنه مجنون و هو يكلم نفسه . لم نعرف أنه يتعاطى الكوكايين " " طبعا هللوسة كوكايين " . " فعلا قابلته فى الأسانسير مرة و كان فى حالة هذيان يحدث نفسه و يشير بيديه فى الهواء .. لعنة الله على المخدرات " .
عادت زوجتى و كانت سعيدة , فقد فحص الطبيب تانجو و أكد لها أن الكلب ليس مصابا بأى تسمم و لكنه يعانى بعض الاكتئاب , و لا بد له من نزهة يومية .
اضطررت أن أقوم بهذه المهمة مع الكلب بعد أن لزمت زوجتى الفراش . فلقد فتحت زوجتى التليفزيون فوجدت رجلا اسمه الدكتور راتب يصف هذه الأعراض : الرغبة فى العزلة , و الضعف العام , و افرازات من الأنف و الفم .
و لزمت زوجتى الفراش و قد انتابتها هذه الأعراض , لكنها لا تعرف اسم المرض لأنها لم تشاهد البرنامج من بدايته . بناء على رغبة زوجتى , اتصلت بالتليفزيون لأعرف عنوان الدكتور راتب الذى تبين أنه ظهر فى برنامج آخر غير برنامج الدكتور عتريس .
كان الدكتور راتب كريما مهذبا . - سألنى : متى ظهرت عليها أعراض المرض ؟ - منذ يومين . - هل تراها ميالة إلى العزلة ؟ - جدا . - و تعانى ضعفا عاما ؟ - أجل يا سيدى . - و ريشها ؟ هل هى منفوشة الريش ؟ - و لكن زوجتى ليس لها ريش يا سيدى . - فهمت ..! يا سيدى أنا كنت أتحدث فى التليفزيون عن مرض النيوكاسل الذى يصيب الدجاج , فأنا طبيب بيطرى .
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:21 pm
الصرصار
عاد المخرج الشاب على علوى من بعثته الدراسية فى فرنسا و قد طال شعر رأسه و أطلق شعر لحيته و غير اسمه و لقبه إلى : المخرج الطليعى على لوش أو عليلوش ! و منذ أن عاد عليلوش من باريس و هو يرفض كل قصة تعرض عليه لإخراجها , حتى اقتحم مكتبى يوما ليعلن فى سعادة غامرة أنه وجد القصة التى سينال على إخراجها – فى فيلم سينمائى – الجائزة الأولى فى مهرجان كان !
قال لى عليلوش : قصة رائعة اسمها الصرصار , فهذا أول فيلم يقوم ببطولته صرصار .. اتجاه طليعى سيهز الدنيا : صرصار يطارد امرأة فى شوارع القاهرة حتى يخرب بيتها , إنه يصعد وراءها فى المترو و الأوتوبيس و يمشى خلفها فوق الأرصفة الحافلة بالناس و يعبر فى أعقابها خط عبور المشاة فى قلب العاصمة .. هل تعرف الموراليتى ؟؟ مغزى القصة ؟؟ مغزاها هو : لا يهدم البيوت إلا الصراصير الحقيرة , فهذا الصرصار رمز لكل نفس دنيئة , إذ أنه يظل خلف الزوجة منذ أن تخرج من عمارة أمها فى مصر الجديدة حتى تدخل عمارتها فى باب اللوق , و تتقدم نحو الأسانسير , و هنا تكتشف الزوجة التى تخاف من الصراصير أن الصرصار عند أقدامها فتصرخ مذعورة و ترتمى – فى حركة لا شعورية – فى أحضان الجار الموجود فى الأسانسير , هنا يدخل الزوج من باب العمارة و يفاجأ بزوجته بين أحضان الجار و تقع المأساة و السبب هو هذا الصرصار الذى يعبر فى رمزية مكتملة عن الصراصير الآدمية الموجودة فى الحياة .. ما رأيك فى القصة ؟ - عظيمة يا عليلوش .. لكن من ينتجها ؟؟ - وافقوا على إنتاجها خلاص . - مين ؟ - المؤسسة .. ماانت عارف ان فلان قريبى كوماندا كبير فى المؤسسة .. - على خيرة الله ..
و هرب بطل الفيلم
و بدأ الصدام بين عليلوش و بين الإدارة المالية , فقد طلب عليلوش اعتماد مبلغ ألف جنيه – فوق ميزانية الفيلم – لشراء صراصير من الناس الذين كلفهم بجمع الصراصير حتى يختار من بينها الصرصار الموهوب الذى يتوسم فيه الاحساس الفنى ليقوم بهذا الدور الصعب .
و لقد وقف عليلوش يصيح فى الإدارة المالية قائلا : إن مجدى الفنى و مجد المؤسسة و مجد الفيلم المصرى كله مرتبط بقدرتى على تحريك الصرصار أمام الكاميرا كأى ممثل محترف , و لا يمكن أن يقوم بهذا الدور إلا الصرصار الذى أختاره أنا . لكن مدير الإدارة صمم على عدم صرف مليم واحد زيادة و نصح عليلوش أن يلم شوية صراصير من مطبخه و مطابخ الجيران .. فالصراصير – فى كل مكان – على قفا من يشيل .
و صرخ عليلوش فى وجهه : أصلك موظف لا يمكن تقدر العمل الفنى .. افهم يابنى آدم .. الناس اللى انا ح كلفهم بلم الصراصير ناس من خلاصة الفنيين المتخصصين فى اكتشاف الوجوه الجديدة .. و بكرة تشوف ان صرصارى ح يبقى ستار عالمى و ح تخطفه هوليوود ..
و انتهى النزاع بانتصار وجهة نظر عليلوش بعد أن هدد بالتوقف عن إخراج الفيلم الذى سيحصل على الجائزة الأولى فى مهرجان كان !
و بدأ عليلوش بفحص ألوف الصراصير ليختار من بينها الصرصار البطل , و قدم المصور الفوتوغرافى فاتورة بألف جنيه تكاليف أفلام و ورق حساس بعد أن استدعى عليلوش ذلك المصور ليصور كل صرصار صورة ( فاس ) و صورة ( بروفيل ) حتى يمكن اكتشاف صرصار موهوب و فوتوجينيك أيضا .
و استقر رأى عليلوش على اختيار الصرصار البطل , و بدأ يرسم اللقطات الأولى : اقدام الزوجة تتحرك خارجة من مدخل عمارة أمها و خافها يسير الصرصار .. الأقدام و الصرصار فى كادر واحد بلقطة مكبرة .. تقف الزوجة برهة عند باب العمارة فيتوقف الصرصار خلفها : عند هذا الحد ألقى عليلوش بالقلم يصيح إعجابا : روعة يا عليلوش روعة !
و صدقت فراسة عليلوش فى الصرصار الذى اختاره نجما ! فقد سار خلف الزوجة و هى خارجة من مدخل العمارة , و تابعت الكاميرا أقدام الزوجة مع الصرصار فى كادر واحد , و صحيح أنه أعاد هذه اللقطة 397 مرة استهلك فيها 80 علبة فيلم خام ثمنها 2400 جنيه , و لكن هذا كله غير مهم . المهم الفن و الجائزة الأولى فى مهرجان كان .
و من جديد دب النزاع بين عليلوش و بين الإدارة المالية التى لا تفهم فى الفن , فقد رفضت الإدارة صرف علبة فيلم خام جديدة كما اعترضت على اعتماد مبلغ 300 جنيه تكاليف حراسة الصرصار البطل و العناية به و ندب أحد المتخصصين فى عالم الحشرات لتوفير الرعاية الصحية له , غير أن عليلوش استطاع أن ينتصر مرة أخرى على الإدارة المالية و إن كان قد فشل فى أن تؤمن المؤسسة على حياة الصرصار بمبلغ 50 ألف جنيه . و استأنف عليلوش تصوير الفيلم , و دارت الكاميرا , و خرج الصرصار من باب العمارة خلف الزوجة , لكنه فجأة انحرف جاريا فى بلاعة مجارى و اختفى فيها . و أصيب عليلوش بالجنون من ذلك الصرصار المغفل الذى يمكن أن يعطى الكثير من مواهبه الفنية .. و أسرع إلى مصلحة المجارى لإخراج الصرصار من البلاعة , لكن المجارى اشترطت دفع مبلغ 30 جنيها رسوم خروج العمال للبحث عن الصرصار , هذا لا يهم فى سبيل انقاذ نجم الفيلم .. و قام العمال باستخراج مئات الصراصير من البلاعة . و عرضوها على عليلوش الذى سالت دموعه لأنه لم يجد بينها نجم الفيلم .
و مضت أيام قليلة قبل أن يظهر هذا الإعلان فى الصحف : "مطلوب فورا استئجار صرصار موهوب و مدرب مستعدون لكافة الشروط . المخابرة ت . 99999 ".
ميكى العجيب :
فى نفس اليوم , كان عليلوش أسعد إنسان فى الدنيا . فقد اتصل به تليفونيا رجل قدم نفسه باسم : محمد أبو سليم , خبير فى علم الحشرات , و قال أبو سليم أن لديه صرصارا مدربا اسمه ( ميكى ) و أنه يجرى على ( ميكى ) ابحاثا هامة ليعد موضوع رسالته فى الدكتوراة " قوى الإدراك عند الصرصور الأمريكى " .
و وصل الاستاذ أبو سليم حاملا ميكى فى بيت زجاجى أنيق . لكن الاستاذ أبو سليم اشترط , لكى يعمل ميكى فى الفيلم , دفع تعويض قدره خمسة آلاف جنيه إذا أصيب ميكى بأى مكروه . كما أصر على أن يكون إيجار ميكى فى اليوم : خمسين جنيها .
و لم يكن أمام المخرج عليلوش إلا أن يقبل هذه الشروط و يخوض معركة جديدة مع الإدارة المالية ..
و استؤنف التصوير , و دارت الكاميرا فى مدخل العمارة التى تنصرف منها الزوجة . فقال عليلوش للصرصار المثقف بالإنجليزية التى لا يعرف غيرها : ميكى .. جو أفتر ذى ليدى .. و تحرك ميكى على الفور فى أعقاب اقدام الزوجة , و كان على ميكى أن يقف فور وقوفها بباب العمارة , فهتف المخرج : - ميكى .. ستوب ماى بيبى .. و على الفور وقف الصرصار . و نجحت اللقطة نجاحا رائعا , و لم يتمالك عليلوش مشاعره , فالتقط ميكى من الأرض و راح يغمره بالقبلات ..
و نشبت معركة طاحنة بين عليلوش و الإدارة المالية بعد أن بلغت تكاليف الفيلم الذى لم يصور منه غير لقطتين : 54 ألف جنيه , ثم قفزت الميزانية إلى 70 ألف جنيه عندما صمم عليلوش على إقامة ديكورات فى الاستوديو تمثل الشوارع و ذلك خوفا على حياة ميكى من أخطار المرور و نعال المارة التى يمكن أن تسحقه فى غمضة عين لو تم التصوير فى الشوارع الحقيقية .
و ارتفعت الميزانية إلى 80 ألف جنيه , فقد تم التعاقد على استئجار عدد كبير من الاوتوبيسات و التاكسيات و الملاكى لزوم حركة المرور فى الشارع المقام داخل الاستوديو , كما جلب المخرج ألوف الممثلين الكومبارس ليقوموا بتمثيل دور المارة فى الشوارع !
و دارت الكاميرا لتصوير اللقطة الثالثة من الفيلم , إذ هتف المخرج قائلا للصرصار : - ميكى .. جو أفتر ذى ليدى ( أى امش خلف السيدة ) . و سار ميكى إلى جوار الحائط فى الشارع , و فجأة انقلب على ظهره و لفظ أنفاسه الأخيرة و اتضح أن الديكور كان مرشوشا بال د.د.ت لحفظه من الحشرات فى المخازن .
و تأجل الفيلم الطليعى إلى أجل غير مسمى .
و أصابنى الحزن – حقا – من أجل صرصار مثقف كان يمكن أن يكون أملا للسينما لكنه مات قبل الأوان و بعد أن ضيع علينا 80 ألف جنيه !
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:22 pm
و كله بالأصول
كان الأستاذ أيوب أسعد خلق الله بالقرار الوزارى رقم 16398 المعدل لقرار الوزارى رقم 16397 , أخيرا سوف يتسلم سيارته التى يسمح القرار الأخير بالإفراج عنها فى الجمرك !
لقد وصلت السيارة إلى الميناء عندما استوردها طبقا للقرار رقم 16396 , يومها أسرع الأستاذ أيوب إلى مكتب مطاوع أفندى – موظف الجمرك المختص – الذى مالبث أن قابله بالود و الترحاب بعد دفع رسم الود و الترحاب .
و بينما كان مطاوع أفندى يتخذ إجراءاته للإفراج عن السيارة , استأذنه الأستاذ أيوب فى الذهاب إلى دورة المياه , و عندما عاد بعد دقائق , أخبره مطاوع أفندى أن قرارا وزاريا جديدا قد صدر و أبلغوه به , و هو القرار رقم 16397 بمنع استيراد السيارات التى تسير بالبنزين أو بالسولار .
و فى محاولة مخلصة لمواساة الأستاذ أيوب , دعاه مطاوع أفندى إلى شرب فنجان قهوة , فلعله لن ينتهى من شرب قهوته إلا و يكون قد صدر قرار وزارى جديد يتيح له الإفراج عن سيارته . - اتكل على الله و قول يارب .. و لم يكد مطاوع أفندى ينتهى من عبارته هذه حتى دق جرس التليفون على مكتبه , و كان على الطرف الآخر سكرتير الهماميلى بيه – مدير جمرك السيارات – يطلب مطاوع أفندى على وجه السرعة .
أصول الأصول
أشار الهماميلى بيه إلى شاب تجاوز العشرين بقليل قائلا لمطاوع أفندى : - ممدوح بيه .. له عربية عندنا ..
و انحنى مطاوع أفندى لممدوح بيه : - أهلا يافندم .. طبعا عربية ممدوح بيه لا تمشى بالبنزين و لا بالسولار .. و رد الهماميلى بيه : - تمام .. - خلاص يافندم .. تبقى عربية ممدوح بيه غير خاضعة للقرار الوزارى الجديد .. - أيوه .. بس انت عارف انى دايما التزم بالقواعد و الأصول فى شغلى .. - دى حاجة معروفة عن سعادتك يافندم .. - علشان كده عايزك تعمل له شهادة إدارية بإمضاء اتنين موظفين و ختم النسر بأن عربيته لا بتمشى بالبنزين و لا بالسولار . - كده سليم يافندم .. نكتب إنها بتمشى بالبوتاجاز يافندم ؟ - لا .. - بالسبرتو يافندم ؟
بعد أخذ و رد , استقر الرأى أخيرا على أن تنص الشهادة الإدارية بأن السيارة الخاصة بممدوح بيه لا تسير بالبنزين و لا بالسولار , و لكنها تسير بالوقود .
نايم و لا صاحى ؟
فى خطى نشيطة , قطع مطاوع أفندى الممر الطويل ليبلغ الأستاذ أيوب ببشرى الشهادة الإدارية التى سوف تفرج عن سيارته أسوة بالولد ممدوح بيه , و كانت فرحة الأستاذ أيوب لا تقدر , حتى أنه دفع لمطاوع أفندى الرسوم المقررة على هذه الفرحة .
و فى وقت مبكر جدا من صباح اليوم التالى , خرج الأستاذ أيوب يسعى لإحضار الشهادة التى تثبت أن سيارته لا تسير بالبنزين و لا بالسولار و إنما بالوقود , و فى هذه الأثناء اتصل الأستاذ أيوب ببيت الوزير منتحلا صفة رئيس مجلس إدارة , و رد عليه السفرجى بأن السيد الوزير نائم , فحمد الله و شكره إذ لا يمكن أن يصدر السيد الوزير قرارا جديدا و هو نائم .
بقى إمضاء الموظف الثانى , إن الوقت يمر بسرعة و لا بد من أن ينتهز فرصة نوم الوزير و ينهى هذه الشهادة و يقدمها بأسرع وقت للإفراج عن السيارة التى استنفد من أجلها أجازاته العرضية و المرضية .
و استولى عليه هاجس قوى : ممكن الوزير يصدر قرار جديد و هو نايم ؟ ممكن .. ليه لأ , و راح هذا الهاجس يتضخم فى رأسه خاصة أن البحث عن الموظف الثانى الذى سيوقع الشهادة لايزال تصادفه العقبات .
و اتجه إلى التليفون . و رد عليه عبد الدايم السفرجى . - أيوه يافندم السيد الوزير صحا . - يا خبر . صحا إمتى ؟ - حالا يافندم . - ماأصدرش قرارات بعد ما صحا ؟ - ماعرفش يافندم . - و لا و هو نايم ؟
و أقفل الأستاذ أيوب السكة و أصبح فى سباق رهيب مع الزمن .
فرجه قريب !
كان واضحا أن مطاوع أفندى عصبى نوعا و منحرف المزاج عندما اندفع الأستاذ أيوب داخل مكتبه يلهث و يتصبب عرقا و هو يقدم إليه الشهادة الإدارية .
و دفع الأستاذ أيوب الرسوم المقررة لإزالة عصبية مطاوع أفندى و انحراف مزاجه . و تبسم مطاوع أفندى . و ما أن بدأ يتخذ إجراءات الإفراج عن السيارة حتى استدعاه الهماميلى بيه .
و غاب مطاوع أفندى طويلا . و بدأ القلق يتملك الأستاذ أيوب , فنهض إلى التليفون و أدار القرص . - آلو .. مكتب السيد الوزير . - أيوم يافندم . - قوللى من فضلك السيد الوزير ماأصدرش قرار جديد ؟ - بخصوص إيه ؟ - بخصوص استيراد السيارات . - مين بيتكلم ؟ - أيوب عبد الصبور رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للمشاوير الجمركية . - أهلا يافندم . فعلا السيد الوزير أصدر القرار رقم 16400 المعدل للقرار 16399 بشأن استيراد السيارات . - بيقول إيه القرار ؟ - غير مسموح باستيراد أى سيارة إلا إذا كانت تسير بالبنزين أو السولار .. لابد من البنزين أو السولار . - متشكر .. ألف شكر .
و وضع الأستاذ أيوب السماعة و هو يتنفس الصعداء . انتهت المشكلة و لا لزوم لهذه الشهادة الإدارية .
يا مسهل !
و عندما دخل مطاوع أفندى مكتبه , بادره الأستاذ أيوب قائلا بوجه متهلل : - أنا عرفت القرار الوزارى الجديد .. الحمد لله المشكلة اتحلت .. - أى قرار ؟ - رقم 16400 .. ممنوع استيراد أى سيارة إلا إذا كانت تمشى بالبنزين أو السولار . - أيوه دى المادة رقم واحد من القرار . - هو فيه مادة تانية ؟ - طبعا .. اسمع يا سيدى : و يحظر استيراد السيارة ذات الأربعة أبواب .. و عربيتك بأربع أبواب .
و انهار الأستاذ أيوب فوق مقعده و قد راودته رغبة عنيفة فى البكاء و اللطم , بينما راح مطاوع أفندى يشرح له أسباب هذا القرار كما سمعها من السيد وكيل الوزارة الذى اتصل تليفونيا بالهماميلى لتنفيذ القرار فورا توفيرا للعملة الصعبة . فإن استيراد قطع غيار الأبواب يكلف الدولة سنويا ربع مليون جنيه استرلينى , فإذا اختصرنا عدد أبواب السيارة إلى بابين فقط وفرت الدولة نصف هذا المبلغ فى شراء قطع غيار أبواب السيارات .
- و العمل يا مطاوع بيه ؟
و مط مطاوع أفندى شفته السفلى معبرا عن العجز و قلة الحيلة , و أصبح واضحا أن تفكيره قد توقف أمام حجم المشكلة الجديدة .
و لكن مطاوع أفندى عاوده التفتح الذهنى بعد دفع الرسوم المقررة بتشغيل المخ , فهو يذكر واقعة خلاصتها أن أحد المواطنين استورد (هون) , و قبل وصول الهون إلى الميناء , كان قد صدر قرار وزارى بحظر استيراد إيد الهون و السماح باستراد الهون فقط , و ذلك حماية ً لصناعة أيادى الهون المحلية , فقدم المواطن التماسا بإعادة تصدير إيد الهون و الإفراج عن الهون نفسه بدون إيد , و أجيب إلى طلبه .
بناءً عليه , يستطيع الأستاذ أن يخلع البابين الخلفيين فى السيارة و يعيد تصديرهما .
و لكن الأستاذ أيوب لم يتحمس لهذا الحل الذى يشوه شكل السيارة , و آثر أن ينتظر مكتب مطاوع أفندى , فلعل قرارا وزاريا جديدا يصدر و يحل المشكلة , غير أن مطاوع أفندى , نبهه إلى أن القرار الوزارى القادم قد يأتى على غير ما يشتهى , فيشترط مثلا لاستيراد السيارة أن يكون لها خمسة أبواب , فمن أين يأتى بالباب الخامس ؟ كلام معقول .. و لا بد من حل قبل صدور قرار وزارى جديد يحمل مفاجأة تزيد المشكلة تعقيدا . و بعد بحث طال , تفتق ذهن مطاوع أفندى على اقتراح ثلاثة حلول لحل المشكلة :
الأول : أن يتقدم بالتماس إلى السيد المدير العام يتعهد فيه بإغلاق البابين الخلفيين عن طريق لحامهما بالأكسجين إلى الأبد .. الثانى : أن يتقدم بالتماس إلى السيد المدير العام بوضع قفل إنجليزى كبير على كل باب خلفى من الداخل و أن تحتفظ الجمارك بالمفتاحين ضمانا لعدم فتح القفلين إلى الأبد . الثالث : أن يقدم التماسا إلى السيد المدير العام بأن تتولى لجنة من الجمارك إغلاق البابين بالشمع الأحمر و ختم الشمع بخاتم الجمرك و بذلك يستحيل فك الشمع و إلا تعرض الأستاذ أيوب للعقوبات المنصوص عليها فى القانون .
و قدم الأستاذ أيوب الالتماسات الثلاثة واحدا وراء الآخر , و كان الرد على كل التماس تأشيرة تقول :"يعاد تصدير السيارة و على الطالب استيراد سيارة ببابين طبقا للقرار الوزارى رقم 16400".
و طال عمره !
مضى يوم , و اثنان و ثلاثة و القرار الوزارى رقم 16400 لم يتغير بقرار جديد , و فى تلك الأثناء اتصل الأستاذ أيوب بمكتب و منزل الوزير مرارا تلهفا على قرار جديد , حتى نشأت بينه و بين عبد الدايم – السفرجى فى بيت الوزير – شبه ألفة , خاصة اتصالاته لمعرفة ما إن كان الوزير قد عاد أو لا يزال على سفره .
و عاد الوزير , و لكن القرار لم يتغير , لقد ضرب القرار رقم 16400 الرقم القياسى فى طول العمر , و بعد اثنين و عشرين يوما – و القرار مازال يسرى – لم يجد الأستاذ أيوب بدا من إعادة تصدير السيارة , مبرقا إلى أخيه فى أوروبا أن يرسل إليه سيارة فولكس فاجن ببابين ..
ثم حدث ما كدر الأستاذ أيوب و أسلمه إلى قلق مستمر , إذ سرت إشاعة قوية بأن قرارا وزاريا جديدا سوف يصدر و يقصر الاستيراد على السيارة ذات الباب الواحد , كما سرت إشاعة أخرى بأن القرار الذى سيصدر سيقصر الاستيراد على السيارة التى ليس لها أى باب .
و انتهت هذه الإشاعات جميعا بنوبة ضحك شديدة غرق فيها الأستاذ أيوب . فقد ظل يضحك و يضحك عندما صدر القرار الوزارى الجديد رقم 16401 حظر استيراد السيارة ذات البابين و إباحة استيراد السيارة ذات الأربع أبواب .
عالم الأشباح !
و تم نقل الأستاذ أيوب إلى المستشفى لعلاجه من الصدمة العصبية التى أسلمته إلى حالة ضحك هستيرى مستمر , أعقبتها حالة فزع ظل بعدها يجرى و هو يستغيث بالناس من قرار وزارى يجرى وراه , و عندما أمسك أهله به و أعادوه إلى البيت , قفز مختبئا فى الدولاب و أغلقه عليه , و راح يستحث أسرته فى صياح شديد أن يتصلوا بشرطة النجدة لحمايته من القرار الوزارى الذى ينتظره على باب الدولاب .
و عندما بدأ الأستاذ أيوب يتماثل لشفاء , كانت أوامر أطبائه صارمة إلى أفراد الأسرة و المعارف بعدم إبلاغه بأى قرارات وزارية خاصة باستيراد السيارة , فقد ظل يردد خلال غيبوبته استغاثات الفزع من القرار الوزارى الذى يجرى خلفه .
و بسبب أوامر الأطباء , لم يعلم الأستاذ أيوب – خلال مدة مرضه – بصدور القرار الوزارى بحظر استيراد السيارة ذات الموتور ثم القرار الذى جاء بعده بحظر استيراد السيارة الملاكى نصف جنزير , ثم القرار التالى له و الذى يشترط لاستيراد السيارة أن يكون لها 65 فردة كاوتش استبن , ثم القرار الذى أعقبه و يشترط دفع 100 جنيه مصرى بالعملة الصعبة إذا كانت عصا فيتيس السيارة فى الأرضية , ثم القرار الذى تلاه و يشترط لاستيراد السيارة إحضار شهادة من القنصلية المصرية فى المدينة المصدرة – مقابل 200 جنيه بالعملات الحرة – بأن القنصلية تشهد بأن هذه سيارة و ليست ترماى , إذ لجأ بعض ذوى النفوس الضعيفة – تهربا من قرارات استيراد السيارات – إلى استيراد ترميات ملاكى متنكرة فى شكل سيارات , كما تم ضبط ديزل مجرى مكتوب عليه ملاكى جيزة .
و لم يدر الأستاذ أيوب أيضا أنه خلال فترة مرضه أصدرت دائرة المعارف البريطانية عشرة أجزاء ضخمة من مجلداتها لتعين الباحثين فيها فى كيفية استيراد سيارة فى مصر , كما ظهرت عشرات الكتب المؤلفة فى القاهرة عن استيراد السيارات و الطريق إلى استيراد سيارة , كذلك ظهرت كتب طبية نفسية بعنوان "واجه القرار الوزارى بروح طيبة" و "ابتسم .. غدا يصدر قرار وزارى جديد" و "لا تستورد سيارة و عش سعيدا" فقد تضاعف عدد المصابين بالانهيار العصبى . حتى أن بعض أطباء الأعصاب قرروا فتح مستشفى جديد يتخصص فى هذه الحالات اسمه "أوتوكلينيك" !
ربك يعدلها !
عندما توجه الأستاذ أيوب إلى الجمرك , كان يعرف أن آخر قرار وزارى قد صدر بشأن استيراد السيارات يحظر استيراد السيارات بكافة أنواعها ماعدا الأوتوبيسات ..
لكنه كان هادئ الأعصاب تماما , فقد ابتلع قرصا مهدئا للأعصاب من أقراص (أنتى – قارار) التى وصفها له الطبيب لتعينه على مواجهة أى قرار وزارى بهدوء , ثم أنه أدرك – بالتجربة – أن أى قرار وزارى يتغير كل يوم , و لا بد أن يصدر ذات ساعة القرار الوزارى الذى يحل مشكلته .
لذلك جلس هادئا فى مكتب مطاوع أفندى , حتى لقد بلغت به قلة المبالاة أنه لم يدفع رسوم الترحيب لمطاوع أفندى . الأمر الذى حدا بمطاوع أفندى إلى أن يقول فى شماتة : - مفيش فايدة .. المرة دى مافيهاش تصريف .. فرد الأستاذ أيوب ببرود شديد : - ربك يعدلها ..
و بينما كان مطاوع أفندى يرد فى نبرة شبه متهكمة : لعل و عسى , رفع الأستاذ أيوب سماعة التليفون و هم بإدارة القرص , لكنه تذكر أن الوزير ليس بمكتبه فى الوزارة , لقد قرأ اليوم أن الوزير معتكف فى البيت لإصابته بالانفلونزا , لكن الانفلونزا لا تمنع أن يمارس الوزير نشاطه القراراتى , هل يكون قد أصدر قرارا فيه الفرج ؟
و تردد الأستاذ أيوب فى إدارة القرص .. و فى اللحظة التى هم فيها أن يضع السماعة , كان مطاوع أفندى قد سأله : - عايز تكلم مين ؟ ريح نفسك يا أستاذ أيوب .. المرة دى مافيهاش تصريف .. قال الأستاذ أيوب بشكل تلقائى : - أبدا .. أنا كنت ح اتصل بالوزير فى البيت .. - مين ياخويا ؟ قالها مطاوع أفندى فى تهكم مرير , فرد الأستاذ أيوب فى لامبالاة: - يووه .. ياما اتصلت بالوزير فى المكتب و البيت . قال مطاوع أفندى فى تحد واضح : - طب ورينى كده .. - آدى نمرة البيت .. خد اطلبها بنفسك .. دى فرصة إن الواحد يسأل عن صحته .
آلو .. سيادة الوزير ؟
أدار مطاوع أفندى الرقم و هو غير مصدق , يضحك بشدة من ذلك الرجل المعتوه الذى يدعى معرفة السيد الوزير . و كانت الضحكة لا تزال تملأ وجه مطاوع أفندى و هو يمسك بالسماعة قائلا : - ده منزل السيد الوزير فلان الفلانى .. ؟ عندما جاء الرد (أيوه يافندم) , اختفت الضحكة من وجه مطاوع أفندى و أصابه ارتباك عظيم , دفع معه السماعة إلى يد الأستاذ أيوب و كأنه يريد الخلاص من مسئولية خطيرة ستؤدى به إلى مصائب مجهولة ..
و أمسك الأستاذ أيوب بالسماعة قائلا فى ثبات : - آلو .. مين ؟ عبد الدايم ؟ أهلا يا محروس .. أنا أيوب .. الله يسلمك طمنى .. إزاى السيد الوزير النهاردة ؟ كده .. لا ألف سلامة عليه .. بلغه تحياتى و تمنياتى بالشفا إن شاء الله .
عند هذا الحد من الحديث كان مطاوع أفندى مبهوتا مأخوذا لا يكاد يصدق ما يرى و ما يسمع , و عندما بدأ الأستاذ أيوب يسأل الخادم عما إذا كان السيد الوزير زاول العمل فى البيت اليوم , كان مطاوع أفندى قد غادر المكتب مسرعا ..
و وضع الأستاذ أيوب السماعة و قد أيقن من حديث الخادم أن الوزير لن يعمل اليوم , إذ حتم عليه الطبيب الإخلاد إلى الراحة التامة .. لا قرارات جديدة إذن .. و لينصرف مادام ليس فى انتظاره جدوى . و تلفت فلم يجد مطاوع أفندى .
الأستاذ أيوب .. سابقا !
كان مطاوع أفندى فى مكتب الهماميلى بيه يشرح أمر المحادثة التليفونية التى أجراها الأستاذ أيوب مع بيت السيد الوزير , و كيف أن الأستاذ أيوب كان يتحدث و كأنه واحد من الأسرة , فاستولى الاهتمام البالغ على الهماميلى بيه , و راح يستفسر من مطاوع أفندى عن مطالب الأستاذ أيوب من الجمرك , فعلم أن له سيارة فولكس مستوردة و القرار لا يسمح إلا باستيراد الاوتوبيسات .
و انقلب الهماميلى بيه إلى وحش كاسر يكاد يفتك بمطاوع أفندى لأنه لم يحضر الأستاذ أيوب إلى مكتبه من أول دقيقة للقيام بواجبات الترحيب و التكريم نحوه .
و لم تشفع لمطاوع أفندى أيماناته المغلظة بأنه لم يكن يعرف أن أيوب بيه قريب للسيد الوزير . و زاد الطين بلة أن أيوب بيه – الأستاذ أيوب سابقا – كان قد انصرف من مكتب مطاوع أفندى , و بأمر السيد المدير , انطلقت السيارة المخصصة له تحمل مطاوع أفندى بحثا عن أيوب بيه فى الشوارع المجاورة و أخيرا تم العثور على أيوب بيه واقفا أمام غجرية (نبين زين) يوشوش الدكر لمعرفة بخته فى القرار الوزارى القادم .
مطاوع الغبى !
كان واضحا أن المسألة كلها تمثل لغزا يصعب تفسيره بالنسبة لأيوب بيه . إنه لا يفهم شيئا مما جرى و يجرى أمامه .. الترحيب من الهماميلى بيه الذى استقبله على الباب الخارجى , أجلسه الهماميلى بيه معه فى صالون غرفة المكتب على الكنبة باعتباره من كبار الضيوف الذين لا يصح للهماميلى بيه الجلوس على كرسى مكتبه فى حضرتهم .. مخاطبته بأيوب بيه , المشروبات و المرطبات التى قدمت إليه .. الاعتذار المتكرر من جانب الهماميلى بيه بأن مطاوع أفندى غبى و متخلف عقليا لأنه لم ينه إجراءات الإفراج عن سيارة أيوب بيه.. ما الذى جرى بحق السماء ليلقى كل هذا التكريم الخرافى و المعاملة الأسطورية ؟
سؤال لم يستطع أن يرد عليه أيوب .. كل ما استطاع أن يصل إليه هو أن هذا الرجل – الهماميلى بيه – موظف كبير مثالى جدا فى معاملته لإخوانه المواطنين العاديين .. حقا راجل أمير .. إن أيوب لا يندم على شئ الآن قدر ندمه على أنه كان يتعامل مع ذلك الخنزير مطاوع أفندى الذى استنزف من جيبه الكثير دون جدوى .
فجأة دخل سكرتير الهماميلى بيه يقول :
- الاجراءات انتهت يافندم .. و بلغت أوامر سيادتك بفتح الخزانة علشان أيوب بيه يدفع الرسوم .. و التفت أيوب يسأل الهماميلى بيه فى دهشة : - الله ! هو صدر قرار وزارى جديد وللا إيه ؟ و رد الهماميلى باحترام بالغ : - يافندم مفيش قرارات جديدة صدرت . - موش فيه حظر استيراد سيارات ماعدا الاوتوبيسات ؟ - تمام يافندم . - أمال إيه العبارة ؟ - و لا حاجة يافندم .. كل شئ سليم و احنا بنطبق القواعد و الأصول .
و كله بالأصول
عندما اصطحب الهماميلى بيه الأستاذ أيوب ليتسلم سيارته الفولكس فاجن ذات البابين , تأكد الأستاذ أيوب فعلا أن القواعد و الأصول قد طبقت بدقة , إذ جاء فى محضر معاينة السيارة تمهيدا للإفراج عنها أنها (سيارة أوتوبيس تتسع لثلاثة ركاب و واحد وقوف , و لها باب شمال لصعود الركاب و باب يمين لنزول الركاب و جلدة بجانب السقف ليمسك بها الراكب الواقف) ..! و أشار الهماميلى بيه إلى لوحة فى مقدمة سقف السيارة قائلا : - مفيش أى مخالفة للقرار الوزارى زى ماسيادتك شايف و كانت اللوحة مكتوب عليها (عتبة – جيزة و بالعكس) .
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:22 pm
صورة متحف سينما
نحن الآن سنة 3000 , و الناس يترددون على المتحف السينمائى للفرجة على مومياءات قدماء السينمائيين و مخلفاتهم و حضاراتهم الفيلمية الغابرة ..
المتحف كله قاعات فسيحة لامعة و فترينات زجاجية تحتوى على آثار و حفريات قدماء السينمائيين ..
هذه مثلا فترينة بها مومياء ممددة و عليها بطاقة للشرح تقول :
"مومياء المخرج (خا – ميس – فجلة) , من الأسرة السينمائية الرابعة فى العصر الجهلوى . ظهر فى عصره بعض الشبان المثقفين و كان كل منهم يطلق على نفسه (المخرج الطليعى) و تدل حفريات شارع الهرم أن المخرج (خا – ميس – فجلة) كان يجهل معنى كلمة طليعى , فقد أراد أن يقلد هؤلاء الشبان فكتب فى مقدمة أحد أفلامه : فيلم بالألوان الطليعية من إخراج المخرج الطليعى (خا – ميس – فجلة) .." .
و فى فاترينة أخرى مومياء تقول بطاقتها :
"مومياء السيناريست (شى – حا – ته – فجلة) , من الأسرة السينمائية الرابعة فى عصر الجاهلية الدرامية , و تدل النقوش الخاصة بهذا العصر أن (شى – حا – ته – فجلة) كان يطلق على نفسه (ابن سينا الجديد) ظنا منه أن الفيلسوف ابن سينا هو مخترع السيناريو .
و تقول النقوش أيضا أن (شى - حا - ته – فجلة) كان يحمل بشدة على تشارلز ديكنز فى مواعظه التى يكتبها فى الحوار , باعتبار أن تشارلز ديكنز هو مبتكر رقصة التويست و لم يكن يعرف أن أوليفر تويست هى رواية لديكنز و ليست رقصة من ابتكاره" .
و فى فترينة ثالثة بوبينة فيلم محنطة عليها بطاقة تقول :
"بوبينة فيلم من عصر الأسرة الفجلوية الرابعة . اسم الفيلم (فاجعة فى بير السلم) . من حفريات شارع الهرم . و من إخراج (خا – ميس – فجلة) , الفيلم من أفلام المأساة , و مع ذلك ليس فى الفيلم كادر واحد يخلو من رقصة أو أغنية حتى فى مشاهد المأتم . الأمر الذى جعل علماء الاجتماع المعاصرين يعتقدون أنه كان من تقاليدنا الاجتماعية أيام عصر الأسرة الفجلوية الانطلاق فى الرقص و الغناء إذا مات شخص عزيز , ذلك أن فيلم (فاجعة فى بير السلم) يحتوى على مشهد المطربة (فتا – كات) و والدها يموت أمامها , فتبكى ثم تسرع إلى الشرفة لتغنى لحبيبها بطل الفيلم فى النافذة المقابلة :
افتح شباكك يا عطية و الحقنى بشوية ميه
فيفتح حببها الشباك و يبادلها الديالوج الغنائى , و فجأة يتحول المشهد إلى تابلوه غنائى راقص اسمه (أبوها السقا مات)" !.
و فى الفترينة رقم 9 بالمتحف تمثالان شمعيان لعروس و عريسة فى ليلة الزفاف يرتديان ملابس القرن العشرين و بطاقة شرح تقول: "عروس و عريسة . نهاية كل فيلم فى عهد الأسرة السينمائية الفجلوية" ..
و فى فترينة مجاورة مجموعة من الأوراق القديمة المتآكلة و معها بطاقة تقول :
"سيناريو لفيلم اسمه (دموع فوق السطوح) من عصر الأسرة الرابعة . و قد دلت حفريات شارع الهرم على أن (شى – حا – ته – فجلة) قد كتبه فى أقل من 36 ساعة (500) صفحة و أنه أكمل الخمسين صفحة الأخيرة فى بوفيه الاستديو أثناء التصوير و هو يشرب الشاى الكشرى , و الخطوط و الحواشى لحمراء هى تعديلات المخرج (خا – ميس – فجلة) فى السيناريو إذ أضاف إلى الأمراض التى تصيب البطل فى الرواية مرض الصرع , و كان السيناريست قد اقتصر على إصابة البطل بفقدان الذاكرة و العمى و السعال الديكى و داء الفيل (انظر الفترينة 11)" .
و فى الفترينة 11 مجموعة من بوبينات أفلام ترجع إلى عصر الأسرة الفجلوية الرابعة , و هى من أفلام المأساة , أسماؤها على التوالى : (تفيدة يا حبى) , (حب فى نص الليل) , (حب و بلح و جوافة) , و (حنان و عيش و طعمية) , كلها من إخراج المخرج خا – ميس – فجلة الذى أطلقوا عليه مخرج المعجزات ,, ففى هذه المجموعى التى عثر عليها من أفلامه نجد البطل مصابا بكل أنواع الأمراض المستعصية .. المتوطئة منها و المستوردة , ثم يشفيه المخرج بمعجزات مدهشة فى آخر عشرة أمتار من الفيلم تمهيدا للنهاية السعيدة و زواجه من البطلة .
و فى فيلم (حب و بلح و جوافة) نجد قمة المعجزة فى أعمال خا – ميس – فجلة , إذ يموت البطل فى الفيلم مسموما بالجوافة و تشيع جنازته و يوارى التراب . و تكشف النقوش التى عثر عليها فى شارع الهرم قصة المعجزة التى قام بها المخرج فتقول أن منتج الفيلم اعترض على هذه النهاية التى تؤثر تأثيرا فلوسيا على شباك التذاكر .
فاستأنف خا – ميس – فجلة التصوير بعد نهاية الفيلم و موت البطل , و انتقلت الكاميرا إلى قرافة الغفير لتصور بطل الفيلم و هو يخرج من القبر إلى بيت البطلة ليطلب يدها بين الطبل و الزمر حتى تكون النهاية السعيدة كما طلب المنتج .
و يفسر الفيلم سبب عودة البطل إلى الحياة تفسيرا علميا يدور حول نظرية زراعة الأعضاء فى الجسم الإنسانى , فمادام يمكن زراعة عضو سليم مكان عضو تالف , فممكن جدا زراعة بنى آدم سليم بحاله فى بنى آدم ميت , و هكذا تم زرع بنى آدم كومبارس بدفنه حيا فى تراب مقبرة بطل الفيلم , فانزرع الكومبارس فى بطن الفتى الأول , فخرج من المقبرة حيا ..
و تقول الحفريات أن خا – ميس – فجلة أثار أزمة شديدة بسبب عدم ترشيح هذا الفيلم للمهرجانات الدولية , إذ كان واثقا من الفوز بسبب فكرة زراعة الجسم البشرى فى جسم بشرى آخر , فهى فكرة أبهة لم يسبقه إليها مخرج بشرى أو بيطرى .
و الجدير بالذكر أن المخرج خا – ميس – فجلة قد اعتزل مهنة الإخراج فى عصر الأسرة السينمائية السادسة الذى عرف بعصر المثقفين و عاد إلى ممارسة مهنته الأصلية : تمرجى ..
و فى الفترينة رقم 18 – و هى عبارة عن قاعة زجاجية فسيحة – أقيم ديكور لكباريه تقول عنه البيانات :
"نموذج لديكور فى عصر الأسرة السينمائية الرابعة , أن الكباريه كان أهم ضرورة فنية فى الأفلام الفجلوية , إذ كان على البطل أن يتجه دائما إلى الكباريه كلما أصيب بأزمة أو صدمة عاطفية , فيظل يشرب الويسكى و هو يشاهد رقص عزيزة نايلون .
و قد أدى ظهور الكباريه فى كل فيلم – خلال عصر الأسرات الأولى – إلى إعطاء صورة مشوهة عن حياتنا فى تلك العصور , إذ تبادر خطأ إلى أذهان علماء الاجتماع المعاصرين , أن كل شاب من قدماء الشباب المصريين كان لا بد أن يسكر طينة فى الكباريه إذا أصيب بأزمة عاطفية , إذا هدده أهلها بفسخ الخطبة جرى إلى الكباريه يشرب , إذا خطبها شاب آخر .. شرحه , إذا اكتشف خيانتها شرب كل زجاجات الخمر فى بار الكباريه ابتداء من الشمبانيا إلى السبرتو .. !
فالكباريه فى أفلام الأسرات السينمائية الأولى يؤكد أن كل العشاق فى بلادنا كانوا يصبحون فى حالة سكر طينة عند أول أزمة عاطفية ..
و فى الفترينة رقم 21 مومياء عليها بطاقة تقول :
"مومياء للمؤلف (أق – رع – فجلة) من الأسرة الرابعة , تدل الحفريات على أن النقاد أطلقوا عليه لقب (الطرابيشى) , فإن أق – رع – لم يكتب فى حياته إلا قصة واحدة راح يقلبها بعد ذلك كما تقلب الطرابيش حتى ضرب الرقم القياسى , إذ أخرجت هذه القصة بأشكال مختلفة فى أكثر من عشرين فيلما" .
و فى الفترينة 27 :
أصول لقصة سينمائية من عهد الأسرة الرابعة , القصة تروى حدوتة أم أنجبت بنتا من سيدها البيه , ثم تفترق الأم عن البنت و هى لاتزال فى طفولتها و تكبر البنت دون أن تعرف أمها بينما أمها تعرفها , و فى النهاية السعيدة : بنتى حبيبتى , مامتى حبيبتى . و لقد ظهرت هذه القصة فى مئات الأفلام فى عصر الأسرة الرابعة , مرة ابن لا يعرف أباه , و مرة يرفض الأب الكشف عن أبوته لابنته لأنه من نزلاء ليمان طرة , أو لأنه حرامى , أو لأنه نصاب أو أى حاجة , بينما بنته تعيش فى التبات و النبات مع زوجها وكيل النيابة الذى حقق جريمة أبيها , و هكذا .. المهم أن هناك – فى مئات من الأفلام – حالة عدم تعارف بين الأم و الأب من جانب و بين الابن أو البنت من جانب آخر ..
و هذه الحدوتة لها أصل يعرف باسم حدوتة خششبان التى كانت ترويها الجدات للأطفال عند النوم .
و فى الفترينة 33 :
مومياء للمنتج (جا – موس – بيه) , إن المخرج خا – ميس – فجلة أقنعه بانتاج رواية (الحرب و السلام) لتولستوى , فلما قبل , قال له خا – ميس أن تولستوى يطلب العربون فأعطاه جا – موس مائة جنيه لتوصيلها إلى تولستوى و طلب منه تحديد موعد مع الكاتب الكبير الذى يسمع عنه كثيرا , و رحب خا – ميس – الفهلوى بذلك , فحضر فى اليوم التالى مع شخص قدمه إلى جا – موس قائلا : الكاتب الكبير عبده تولستوى , فاحتفى به جا – موس حفاوة بالغة .
و كان خا – ميس – فجلة قد اشترى كتاب الحرب و السلام من سور الأزبكية بقرش ثم نسخه على الآلة الكاتبة و راح يقرأه للمنتج فى أسبوع كامل , و كان جا – موس – بيه يتناول كل صفحة بالتعديل و التبديل و عندما انتهى من تعديلاته اقترح تغيير اسم الرواية إلى (السلام و الكلام) لأن السلام يسبق الكلام و لا معنى (للحرب و السلام) لأن الذى يحارب شخصا لا يمكن أن يقول له سلامو عليكو ! ..
و قد استجاب خا – ميس – فجلة لكل التعديلات التى أدخلها المنتج حتى تحولت إلى رواية استعراضية غنائية راقصة قامت ببطولتها فهيمة لهاليبو التى كلن يؤمن بجاموس بيه بمواهبها العظيمة .
و فى الفترينة 107 – فى نهاية المتحف – مومياء تقول بطاقتها :
"مومياء لمتفرج من عصر الأسرة الرابعة ,, عاش بطلا و مات بطلا له الرحمة و الفاتحة .." !
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:23 pm
صورة واحد سيرياليزمى
السبت :
فكرى مشغول جدا بلوحتى الجديدة (الحلاق و القفا) ..
فبعد تفكير سيريالى استطلاعى استضمانى استغراقى , توصلت إلى أن القفا لا يفارق عيون أى حلاق . فهو فى المحل أمامه قفا , و هو فى الشارع تنجذب عيونه إلى أى قفا يمر به , فإن كان ذلك القفا طويل الشعر , لعبت أصابعه – غصب عنه – رقصة المقص , و إن كان القفا حليقا , نظر بعين الناقد إلى فنية الشغل , و الخلاصة أن عيون الحلاق مشتبكة بكل قفا فى كل مكان و زمان , فالدنيا عنده قفا , و الحياة عنده قفا و لذلك قررت أن يكون مضمون اللوحة مضمونا قويا سرياليا .
الثلاثاء :
منهمك فى اللوحة . و لقد اعتذرت عن عدم حضور اجتماع جمعيتنا السريالية العليا التى تضم رواد مذهبنا العظيم فى كل ميدان من ميادين الفن : الرسام الكبير زكى هلاوس , الكاتب الطليعى عبده المجنون , المخرج الطليعى فهمى بارانويا , المثال العظيم أحمد عباسية , الموسيقار الكبير حنفى مورستان .
الأربعاء :
مشغول فى اللوحة . زارنى زميلى أحمد عباسية و معه تمثال (الصبر) الذى ناقشته الجممعية فى اجتماعها أمس , بهرنى التمثال حقا لما احتواه من مضمون استنباطى ميتافيزيقى , فالتمثال عبارة عن قالب طوب أحمر مكتوب عليه (مصنع طوب أبو جبل) . تأملت التمثال لمدة ساعة محلقا بفكرى فى آفاق ما فوق الواقع و ما وراء الطبيعة . و لم أتمالك نفسى من شدة الإعجاب فقمت احتضن أحمد عباسية بشدة مهنئا على تلك التحفة الفنية الرائعة .
الاثنين :
أنا سعيد .. أنا سعيد .. فقد انتهيت اليوم من لوحتى الخالدة (الحلاق و القفا) . و عرضتها على إخوتى الثلاثة فى البيت فلم يفهمها أى واحد منهم مع أنهم من هواة ذلك المذهب العظيم و يسمون أنفسهم فرقة الأشبال السيريالية .
فقد حملق أخى الكبير فى صورة القفا الذى رسمته ثم قال: - دى صورة زمبلك .
فعارضه أخى الأوسط بعد طول تدقيق فى اللوحة . مؤكدا أنها صورة مكرونة اسباجيتى مدللا على ذلك برمزية النقط الحمراء , فالنقط الحمراء ترمز إلى الصلصة باللحمة المفرومة لزوم الاسباجيتى , بينما أكد أخى الأصغر فى ثقة أنها صورة صفيحة زبالة ..
كنت فى قمة سعادتى و هم يتخبطون , و بحركة من يدى أوقفت مناقشاتهم قائلا : - هذه صورة قفا أما عيون الحلاق .
فعادوا جميعا يحملقون فى اللوحة صامتين بينما قلت أنا : - ألا ترون عيون اللحاق .. ؟
فأمعنوا التفرس فى اللوحة طويلا بحثا عن عيون الحلاق , و أخيرا أعلنت لهم أننى لم أرسم عيون الحلاق لأن المفروض أن تكون عيون الحلاق أمام القفا , أى أمام اللوحة . فلا يمكن رسمها فى الصورة طبعا , و إنما يجب إدراك ذلك بالتصور السيريالى الأعلى للاوعى الاستنباطى فهزوا رؤوسهم فى راحة , و أشار أخى الأوسط إلى الهواء – أمام اللوحة – قائلا : فعلا هذه هى عيون الأسطى .
و سألنى زوج أختى عن معنى الخطوط اللولبية الغليظة التى يتكون منها القفا فقلت له أن هذه الخطوط هى المصارين .
- المصارين .. ؟؟
هكذا تساءل فى دهشة فأفهمته أنه مادام الانسان هو مجرد قفا فى نظر الحلاق , فيجب أن تكون المصارين و القلب و المعدة و الطحال و الكبد و خلافه داخل القفا , و استوضحنى فعدت أقول أن الانسان فى نظر الحلاق يتركز فى القفا فقط و لهذا يجب أن تضم صورة القفا جميع أعضاء الانسان , فهذه الخطوط اللولبية هى المصارين , أما النقط الحمراء فهى رموز سيريالية للقلب و الكبد و خلافه و إن كان الجهلاء يفسرونها بأنها حبوب القفا إذا عرفوا أن هذا قفا . انبهرت فرقة الأشبال باللوحة انبهارا شديدا بعد هذا التفسير الاستنباطى ..
الثلاثاء :
حضرت ندوة الجمعية اليوم .. كانت ندوة رائعة استهلها الموسيقار السيريالى الكبير حنفى مورستان بعزف مقطوعة عاطفية اسمها (مضمون حبيبى) عزفها موسيقارنا بمفرده على البيانو والكمنجة و العود و الطبلة فى وقت واحد . يده اليمنى كانت على أوتار العود الموضوع فوق البيانو , يده اليسرى على البيانو . بين أسنانه قوس الكمنجة , أحمد عباسية يمسك له بالكمنجة بينما رجل الموسيقار تدق الطبلة على الأرض .
كانت لحظات باهرة استمتعنا فيها بنغمات طليعية مذهلة نابعة من اللاوعى الخامد فى أعماقنا كحمار عظيم نائم من التعب .
و عندما انتهى منها استعدناه , و فى المرة الثانية عزف المقطوعة بنغمات أخرى مختلفة تماما عن المرة الأولى , مؤكدا بذلك مقدرته السيريالية الفائقة .
و بعد ذلك أعلن سكرتير الندوة – الفنان زكى هلاوس – أن كاتبنا السيريالى الكبير عبده المجنون سوف يتحفنا بآخر انتاج له و هو قصته الجديدة (هك يك) فشد انتباهنا ذلك العنوان السيريالى المشوق الذى يحرك كل عضلات اللاوعى المسطولة فى أعماقنا لكى تنشط و تستنبط المفاهيم الانضمانية العليا .
و بدأ الأستاذ عبده المجنون فى قراءة قصته الرائعة حتى فوجئنا بالمخرج فهمى بارانويا يلطم خديه إعجابا بالفقرة التى يقول فيها الأستاذ المجنون : "و مشى فى الطريق يغنى فى سعادة عظيمة , فقد كان يعانى تعاسة فظيعة , كان الغناء يتصاعد من حواجبه السفلى فى نشوة متألمة حتى توقف و هو يمشى و مشى و أقدامه لا تتحرك و عند حافة الفنجال استطال الحبل حتى قصر قصرا شديدا و زاد طوله انكماشا فى تلك الآونة المزدانة بأوراق نضرة شديدة الجفاف , الحمراء و لكنها بيضاء , حلوة شديدة المرارة فى حلقوم حذائه الأسود , فصرخ حاجباه صرخة مدوية بينما افترت أذنه عن ابتسامة هادئة كشفت عن أسنانه الذهبية فى طبلة الأذن , و أخرج لسانه من أنفه ليمسح به شعره الأخضر و نظر بفمه إلى الطريق و قد ندت عن حاجبيه صيحة قوية .
- هك يك ..
فجاءته الأصداء مرددة : - يك هك ..
و على الفور لاحت فى الأفق جموع هائلة من مشابك الغسيل تعدو نحوه .. فصرخ فى فزع .. - أنا مكنسة .. أنا مكنسة ..
و انبطح على الأرض زاحفا ليكنس الطريق , فوجد الأسفلت رز بلبن و قد نبتت فيه زهور الباذنجان و الكفتة" . و عندما هدأنا من روع المخرج فهمى بارانويا فوجئنا بالأستاذ عبده المجنون يأكل الورقة التى كان يقرأ منها و هو يصيح بشدة : - أنا مكنسة .. أنا مكنسة ..
فاحتضناه جميعا مهنئين بتلك اللحظة الرائعة من لحظات اكتشاف اللاوعى عنده بأن حقيقته الانسانية هى مجرد مكنسة .. تلك اللحظات المضيئة التى كانت تعاوده من حين لآخر عندما كان نزيلا بمستشفى الخانكة ..
و تحدث بعد ذلك المخرج فهمى بارانويا مشيدا بتلك العبقرية الخلاقة و أعلن أنه سوف يخرج قصة (هك يك) للمسرح ليضيف إلى التراث المسرحى العالمى رصيدا جديدا سوف يخلد على الزمان و أعقب ذلك مناقشة فى دراسة لوحة الفنان زكى هلاوس , و هى لوحة سيريالية بعنوان (زمهرير الشتاء) , و إن كان لم يكتب اسم اللوحة فوقها , و تعاقبت التعليقات تمتدح اللوحة الرائعة , فقال المثال أحمد عباسية أن الألوان و الخطوط توحى بجو شديد الحرارة ثم فتح قميصه و راح يهوى على وجهه من الحر بسبب تأثير اللوحة , بينما قال عبده المجنون أن الألوان و الخطوط توحى بنسمة ربيعية نشوانة همدانة حيرانة , و علق الموسيقار حنفى مورستان قائلا أن اللوحة توحى بصوت صفارة قطار .
تدارسنا اللوحة دراسة استنباطية عميقة تشعبت فيها المناقشات و انتهت الندوة عند هذا الحد ..
الجمعة :
ذهبنا جميعا لزيارة زميلنا السابق فى الجمعية المهندس محمود محمود محمود بمستشفى العباسية , لقد دخل المستشفى كضحية من ضحايا التخلف الفنى و العقلى عند الناس إذ كلفه واحد جاهل ببناء عمارة فبنى له عمارة سيريالية رائعة ليس لها أبواب و لا نوافذ و لا غرف و لا سلالم و لا حاجة فأبلغ عنه الشرطة .
مسكين محمود محمود محمود ..
السبت :
أرسلت لوحتى الجديدة (فاتنة) لأشترك بها فى معرض الفن السيريالى , لقد بهرت اللوحة المخرج فهمى بارانويا انبهارا شديدا و قال لى أنها توحى – بمضمونها – بصورة أمنا الغولة .
كان فهمى بارانويا فى زيارتى ليكلف خادمى بطبخ عشرين كيلو أرز بلبن يفرش به أرض المسرح لمسرحية (هك يك) للكاتب الطليعى عبده المجنون ..
الأحد :
فازت لوحتى (فاتنة) بالجائزة الأولى فى المعرض ..
الاثنين :
سافرت إلى الاسكندرية لتسلم الجائزة , وجدت لوحتى معلقة بالمقلوب ...
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:23 pm
صورة واحد إعلانجى
الأحد :
كلما ذهبت إلى السينما شعرت أننى أسعد انسان فى الدنيا ..
ففى كل مرة , أرى تأثير إعلاناتى العظيمة على المتفرجين .. كل المتفرجين يحفظون إعلاناتى صم , إذ ما كاد – مثلا – يظهر إعلانى عن حبر كومو على الشاشة , حتى راح الأولاد يرددون مع ممثلات الإعلان و مذيعيه :
- إيه ده اللى على فستانك .. ؟ - دى بقعة حبر كومو موش عايزة تطلع أبدا .. - طبعا .. أصل كومو حبر هايل لا يمكن يطلع أبدا .. - تحبى أحط لك بقعة على فستانك ؟ - ياريت .. ده حبر شكله لطيف خالص ..
هنا تحضر الممثلة زجاجة حبر كومو , و تظهر الزجاجة بين يديها فى لقطة مكبرة على الشاشة , ثم تقول : - تعالى أما وريلك كومو بيعمل إيه ؟
تضع لها بقعة حبر على فستانها الأبيض فتقول : - اللاه .. أنا ح بقع كل هدومى بحبر كومو ..
تخاطب المتفرجين و المتفرجات و هى ممسكة بزجاجة الحبر .. - أظن انتى كمان لازم تبقعى كل هدومك بحبر كومو و تكتبى بيه كمان ..
و هنا ينطق صوت مذيع و مذيعة يتبادلان التعليق على الإعلان . المذيع : بقعة حبر كومو لا يمكن تنظيفها أبدا .. المذيعة : و الكلمة التى يكتبها كومو لا يمكن أن تزول من على الورق .. المذيع : كومو .. المذيعة : يكتب دون مجهود أو تعب .. المذيع : املأ قلمك ثلاث مرات بحبر كومو .. المذيعة : و فى الحال يجرى القلم من تلقاء نفسه على الورق .. حتى و لو كنت لا تعرف القراءة و الكتابة . المذيع : فإن كومو وحده يقوم بكل العمل .. المذيعة : كومو .. المذيع : .. حبر متعلم .. المذيعة : كومو .. المذيع : حبر مثقف .. المذيعة : كومو .. المذيع : حبر مثلج صيفا .. ساخن شتاء .. المذيعة : كومو .. المذيع : يكتب أكثر سوادا ..
***
شعرت - كما أشعر كل مرة – بالسعادة الممتعة و أنا أسمع الأولاد يرددون كلام الإعلان أثناء عرض الإعلان . شعرت بسعادة أكبر و أنا أسمع أحد المتفرجين يصرخ بشدة ثم يصاب بالانهيار العصبى بسبب مطاردة هذا الإعلان له سنين طويلة بنفس الصور و نفس الكلمات . شعرت بمتعة عظيمة و أنا أرى متفرجا آخر يصاب بحالة جنون هياجى و يستل سكينا و يعدو نحو الشاشة لتمزيقها أثناء عرض الإعلان . سعدت بمنظر الرجل الذى أخذ زوجته و أولاده السينما و هو يحلف بالطلاق ما هو داخل سينما طول ما هذه الإعلانات تجرى وراه . فرحت و أنا أسمع تعليقات كثيرة حولى كلها قرف و زهق و شكوى لطوب الأرض من هذا الإعلان ..
فإن معنى هذا كله أن إعلانى قد حقق نجاحا جبارا , و أن فلسفتى الإعلانية هى أعظم فلسفة إعلانية فى العالم . فالإعلان لا يمكن أن يحقق نجاحا عظيما إلا إذا حطم أعصاب الناس و أورثهم الجنون بسخافته و تلامته و الحاحه و تكرار صوره و كلماته سنة و أربع سنين و عشر سنين , فى السينما التليفزيون و الشارع و كل مكان , و صبحا و ظهرا و عصرا و ليلا و فى كل زمان , حتى يستسلم له الناس اتقاء لشره , و دفعا لاضطهاده المستمر الذى يسبب الجنون الهياجى و الجنون الذهولى , و النورستانيا , و البارانويا و الملانخوليا و الصرع , و الهلاوس .
الثلاثاء :
زارنى اليوم مدير دعاية شركة صابون المكوك الأصلى للحلاقة , و طلب منى أن أتولى القيام بحملة إعلانية شاملة فى السينما و التليفزيون لصابون (المكوك الأصلى) . قال لى أنه درس الفن الإعلانى فى الخارج ثم راح يحدثنى عن التطور الهائل الذى وصل إليه هذا الفن , و كيف أن الإعلان قد أصبح متعة حقيقية للناس بعد أن تحول إلى عمل فنى متكامل , ثم قال حضرته – بكل جهل – أنه يريد أن تكون الإعلانات سريعة و مشوقة و جذابة , و لا تخلو من الابتسامة , و متجددة باستمرار لتغرى الناس بالمتابعة دون أن تدفعهم إلى القرف .
أفهمت هذا الولد الساذج الحمار – أن ما يقوله و ما يطلبه هو ضد مبادئى الإعلانية التى تستهدف تعذيب الناس , و رفضت التعامل معه .
الأربعاء :
عكفت اليوم على وضع فكرة إعلانى لصابون (منقرع) المخصص لغسيل الصحون .
الخميس :
فى منتهى السعادة , إذ حضرت اليوم العرض الأول للإعلان الذى وضعته عن أحمر شفاه (شفاشيفو) . كنت فى منتهى المتعة و أنا أتابع أفكارى الإعلانية العظيمة مجسمة على الشاشة و كنت أكثر متعة و أنا ألاحظ تأثيرها القوى الفعال فى المتفرجين .
إن الفيلم يبدأ بداية رائعة حقا و ينتهى نهاية أكثر روعة :
المشهد الأول : الزوج يدخل من باب الشقة كالثور الهائج و هو يصرخ : - فين الأكل ؟
الزوجة ترتعد و هى تشير إلى المائدة التى أعدتها تماما , يجلس الزوج إلى المائدة صارخا : - فين الملوخية ؟
بيد مرتعشة , تكشف الزوجة طبق الملوخية .. يصب الزوج الملوخية فى طبقه و هو يشتمها بلا سبب : - جتك النكد .. جتك خابط .. حمارة .. حيوانة .. طورة .. سفوخس .. يرتشف الزوج أول ملعقة من الملوخية فيصرخ : - دى ناقصة ملح الله لا يكسبك .
تمتد يد الزوجة إلى الملاحة لتناولها له . قبل أن تتمكن من ذلك , يدلق الزوج طبق الملوخية الساخنة على رأس الزوجة , ثم يعقب طبق الملوخية بطبق الرز يلقيه فى قفاها .
يمسك بها بعد ذلك و يضربها ضربا شديدا , لكمات , و شلاليت , يجرها من شعرها مغمى عليها حتى الحمام , يضعها تحت الدش , تفيق , يصرخ فيها : - قومى كلمى أمك الغنية تبعت خمسين جنيه ..
تحاول الزوجة النهوض فلا تستطيع . يتعجلها و هو يجذبها من شعرها الملئ بالملوخية و الرز : - باقولك قومى أنا عندى برتيتة قمار الليلة و عاوز الفلوس .
المشهد الثالث : الزوج يدخل البيت سكران طينة . يصرخ من الباب : - إنتى يا زفتة ..
تتقدم نحوه الزوجة . يضربها شلوتين . ثم يحملها بين ذراعيه , و يلقى بها من نافذة الدور الأول إلى الشارع .. تأتى الإسعاف لتحملها إلى المستشفى بين الموت و الحياة .
المشهد الرابع : فى غرفة الزوجة بالمستشفى .. الزوجة ملفوفة بالشاش من أولها لآخرها . المأذون يحضر لإتمام الطلاق .. الزوج يخرج قلمه لتوقيع وثيقة الطلاق .. يخرج من جيبه قلم أحمر شفاه شفاشيفو يقدمه إلى الزوجة , يتهلل وجه الزوجة و تبدو عليها سعادة جنونية و هى تمسك بقلم أحمر شفاه شفاشيفو :
- ياى .. ياى .. ترتمى على زوجها فى حضن غرامى : - يا حبيبى يا روحى يا قلبى .. سامحنى .. اهئ .. اهئ .. اهئ .. أنا بابكى من فرحتى بشفاشيفو
بينما المأذون يجمع أوراقه و ينصرف تقول الزوجة : - اضربنى .. احرقنى .. ارمينى من فوق البرج . بس كل مرة صالحنى بشفاشيفو ..
المذيعة : أحمر شفاه شفاشيفو .. المذيع : هو سر السعادة الزوجية . المذيعة : شفاشيفو .. المذيع : يجعل شفتيك أكثر احمرارا .
إننى أتوقع لهذا الإعلان مستقبلا عظيما بعد تكراره على الناس ليلا و نهارا . لقد استقبله المتفرجون بمنتهى الضيق و القرف .
السبت :
طلب منى مدير دعاية شركة صابون (منقرع) لغسل الصحون أن أبتكر عبارة فى الإعلان تجرى على كل لسان للإجهاز على أعصاب الناس بتكرارها .
الأحد :
توصلت اليوم إلى العبارة الخالدة التى سيحفظها الناس صم بعد أن يعرض إعلان صابون منقرع فى دور السينما و التليفزيون , إذ كتبت فى هذا الإعلان هذا المشهد العظيم :
"قطعة صابون منقرع تقف بباب المطبخ بينما ست البيت أمام الحوض , تحاول عبثا تنظيف الأطباق القذرة .. تدق قطعة صابون منقرع باب المطبخ فتقول ست البيت : - من قرع ؟ - أنا منقرع . و الله عبارة تساوى مليون جنيه .
الاثنين :
ذهبت اليوم مع الأستاذ الكبير المخرج خميس فجلة لنشاهد عرض إشارة فيلمه الجديد (فاجعة فى البلكونة) , و هى الإشارة التى توليت أنا القيام بعملها و كتابة التعليق عليها . كانت تعليقاتى – مع المشاهد – فى منتهى الروعة . إذ بدأت الإشارة بمشهد البطلة و هى تضحك فى بيت أسرتها , بينما انطبق صوت المذيع :
فاجعة فى البلكونة – قصة فتاة بريئة كانت تعيش بين أسرتها آمنة مطمئنة .. مشهد آخر : .. و فجأة سقطت بها البلكونة .. مشاهد متعاقبة : دراما مؤثرة – فاجعة تهز المشاعر – دموع – حزن – غم .. مشاهد متعاقبة : لقد فقدت عمودها الفقرى و أصيبت بالخرس و الطرش و العمى و السل و الشلل .. مشاهد متعاقبة : و لم يكتف القدر بذلك .. بل طعنها طعنة نجلاء فأصاب حبيبها بحادث قطار فصل رأسه عن جسمه . مشاهد متعاقبة : مأساة ستبكيكم , ساعتان متواصلتان من الدموع و النكد . مشاهد متعاقبة : إن هذه العذراء البريئة تعيش على الأمل فبعد أن شفيت من كل أمراضها انتظرت الشاب الذى ضحى من أجلها و لكن القطار طوح برأسه فى مكان مجهول . مشاهد متعاقبة : وفاء - إخلاص – إنسانية .. مشاهد متعاقبة : .. فقد انطلق أهل القرية يبحثون عن رأس حبيبها الذى طيرته عجلات القطار حتى يعيدوا الرأس إلى جسمه .
مشهد للبطل و هو يضع يده فى يد البطلة – و عثروا على الرأس و وضعوها على جسمه فردت إليه الحياة بمعجزة .. فيلم المعجزات !! فاجعة فى البلكونة ..
مشهد للبطل و هو يقبل البطلة – فيلم الحب و الغرام : فاجعة فى البلكونة ..
مشهد للبطل و هو يجلس فى الكوشة مع عروسه - فيلم السعادة و الهناء : فاجعة فى البلكونة .
مشهد للبطل و هو يمشى فى الزفة فيقع رأسه على الأرض : و لكن القدر بالمرصاد .. فقد وقع رأس البطل من فوق جسمه مرة أخرى ..
هذا ما سيجيب عليه الفيلم العالمى الكبير فاجعة فى البلكونة الذى سيعرض يوم الاثنين القادم بسينما بوبى .
هنأنى الأستاذ خميس فجلة بحرارة على إشارة الفيلم . اعترض أحد الموجودين على أن الإشارة تحكى كل قصة الفيلم , فقال الأستاذ خميس فجلة أن الإشارة عال قوى كده لأن الجمهور عاوز كده .
السبت :
قرأت اليوم أسعد خبر فى الدنيا . الخبر منشور بالصحف , و كل صحيفة أفردت له مساحة ضخمة .
يقول الخبر أن الأستاذ أحمد بطيخة اصطحب زوجته و أولاده إلى السينما و ترك السيدة حماته – و هى عجوز قعيدة – أمام التليفزيون فى البيت ..
و فجأة خرج عليها من الشاشة الصغيرة إعلان حبر كومو , فاستغاثت السيدة العجوز بالجيران و لكن أحدا لم يسمع استغاثتها , فلم تجد بدا من مخاطبة الإعلان و هى تتوسل إليه .. و الله عندى حبر كومو .. ابعد بقى ربنا يهديك ..
و لكن إعلان كومو ظل على الشاشة دون أن ينصرف و هى تقسم له فى خوف و فزع : و الله باشترى حبر كومو .. كفاية ..
و يبدو أن الإعلان شعر بأن السيدة وحيدة فى البيت , فتقدم منها قائلا : - طب ورينى هو فين حبر كومو ؟
و لما كانت السيدة عاجزة عن الحركة , فلقد راحت تطلق صرخات رعب متواصلة دون أن يسمعها أحد حتى فاضت روحها متأثرة بالإعلان .
أسعد خبر يؤكد نجاحى المهول فى الفن الإعلامى ..
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:23 pm
صورة واحد فصيح
الأحد :
فى هذا اليوم الذى صفا أديم سمائه , كنت جالسا فى بستان البيت , أداعب هرتى نميرة و أستمع إلى المذياع , عندما دق جرس الأرزيز و كان المتكلم هو الأستاذ سالم السلامونى , ينبئنى بعزمه المتقشب على أن نجتمع غدا , لنحاصل و نواصل ما بدأناه من وضع أسماء عربية فصحى لمسميات الفرنجة من المخترعات الحديثة .
بادلته عزمه المتقشب على اللقاء غدا .
الاثنين :
تدحرنت و ذهبت إلى الأستاذ سالم السلامونى فى صومعته اللغوية المقنفلة . و ما أن دخلت عليه حتى رأيته مهتاجا كالليث الهصور و هو يمزق صحيفة من الصحف السيارة شر ممزق , فقلت له : - ما خطبك ؟
فكشر عن أنيابه كالضرغام و صاح فى غضبة مضرية سحليلة : - إلى متى تتجاهل الصحف الأسماء التى نضعها للمخترعات الحديثة بدلا من أسمائها الأعجمية الشائعة فى الدنيا كلها ..
ثم فتح الصحيفة الممزقة صارخا : - انظر .. إنهم يرفضون أن يسموا الشيكولاتة باسمها العربى الصحيح و هو القاموخ المحلى .
و أشار إلى إعلان قاموخ محلى منشور فى الصحيفة , ثم أمسك بقصاصة ممزقة أخرى , و أشار إلى صورة زفزافة صدمها جماز فى شارع الجلاء صائحا : - إنهم ما انفكوا يسمون الزفزافة : الموتوسيكل , إنهم مافتئوا يسمون الجماز باسمه الأعجمى و هو الترام .. هذه نكبة , هذه أقحيلة سوداء , هذه مصيبة , هذه كارثة ..
ثم ارتعش جسم الأستاذ السلامونى كما يرتعش الكئيل فى الهيتوم و فجأة سقط على الأرض فى إغفاءة مشنابة هرطافة , فهرعت أحضر قنينة الهرباد من القمطر , و وضعت قطرات منها فى خيشومه , فأفاق بعد ارتعداد جهيد , ثم افرنقعت لأن مزاج الأستاذ السلامونى إثر غضبته السحليلة قد تأديم تأديما شديدا .
الثلاثاء :
تدحرنت اليوم و ذهبت إلى الأستاذ السلامونى فى صومعته اللغوية المقنفلة . كان يجلس وسط مئات القواميس و المخطوطات كأنه الهرى وسط البعصار .. و ما لبثنا أن بدأنا العمل , و كان عملنا اليوم هو وضع أسماء عربية للسيارات : فولكس فاجن و مرسيدس , و بويك , و فورد .
قال السلامونى : "لنبدأ بتلك المركبة المسماة بالفولكس فاجن , فلقد أنفقت ليال هشيمة أبحث عن اسم عربى لها" . - و هل وجدته ؟ - نعم .. لقد سميتها (الخندافة) , فقد لاحظت أن تلك المركبة تصدر صوتا متميزا أثناء قيامها و مسيرها , و هو صوت أقرب إلى الخندفة . قلت له : ما هى الخندافة ؟ لم أسمع بها من قبل تلك اللفظة اللفظاء ..
ففتح السلامونى صفحات مكتوبة على جلد غزال و راح يقرأ لى : - خندف يخندف خندفة أى أصدر صوتا متقطعا كصوت البعير فى ترحاله الطويل . و يقال ناقة خندافة أى تخندف خندفة .. أما اسم الفاعل فهو ..
قاطعته قائلا : يبدو أنه لفظ ضارب فى القدم . قال فى حماسة دونها حماسة البهلول فى حومة الوغى : - أجل أجل , فهذا لفظ كركاعى , استعمله الشاعر الجاهلى حنطيط بن أبى كليئة الذبيانى منذ أكثر من ثلاثة آلاف حول , و لم يستعمله أحد من بعده إلى يومنا هذا , و من الواجب إحياء هذا اللفظ الكركاعى الملماح الذى تلوح كركعته و ملمحته فى قصيدة حنطيط بن أبى كليئة التى يهجو فيها بنى عبس :
و تخندفت بعيرنا فى الدعص باهقة تنهشر بالهفـار و ترغو مكداسـا ثم قال السلامونى : فالخندافة اسم مناسب و منجبل و علينا أن نطور الفعل و نطوعه لما ابتدعناه , فنصرفه التصريف الحسن , فأنا أرى أن يقال : تخندف الرجل أى ركب الخندافة , و يقال مخندف بفتح الدال : أى الحظيرة التى تأوى إليها الخندافة . و يقال رجل خندوف أى الرجل الذى تصدمه الخندافة و تقتله , و يقال رجل متخندف أى الرجل الذى تصدمه خندافة دون أن تقتله .
استغرقنا الجلسة كلها نبحث فى الخندافة . ثم انفرنقعت مرتئحا بعد أن اتفقت مع السلامونى أن نبحث معا فى الغد ما وصلت إليه أنا من حرشاء بشأن السيارة المرسيدس .
الأربعاء :
تدحرنت اليوم و ذهبت إلى الأستاذ السلامونى فى صومعته المقنفلة . سألنى : هل توصلت إلى اسم مناسب و منجبل لمركبة المرسيدس ؟ فقلت : أجل . فبعد بحث استطال فى المراجع , و بعد ليال هثيمة مكندهة رأيت أن الاسم المناسب و المنجبل لمرسيدس هو : (المكاكية) فهذا الصنف من المركبات المحركية يكاكى كالأوز عند المسير , ثم أمسكت مرجعى و قرأت للسلامونى : - كاكى , يكاكى , و المصدر مكاكاة . و الفعل ينسب إلى المكاكى و هو ضرب من الطير يصيح فى الغدوات مكاكيا , و قد ورد ذكره فى معلقة الشاعر الجاهلى (امرؤ القيس) إذ قال :
كان مكاكى الجـواء غديـة صحن سلافا من رحيق مفلفل و قاطعنى السلامونى مفكرا , مصطربعا .. - و لكن .. هل المرسيدس تكاكى ؟
عند هذه النقطة تشعب بنا جدل حميص فاقترحت عليه أن نتكاكى أى نركب مكاكية , ثم نصيخ السمع الرهيف فى اكتنبار شديد فافرنقعنا من الصومعة اللغوية المقنفلة , و تكاكينا أى ركبنا مكاكية أجرة . و فى المكاكية اكتنبر السلامونى ممسكا ببوق أذنه ثم قال : - هذه ليست مكاكاة .. بل أرزاما .. - إنها مكاكاة .. - بل أرزام . - إنك تشوغرنى بهذا القول .. هل هذا أرزام ؟ هل هذا صوت رعد ؟ اكتنبر جيدا و سترى أنها مكاكاة . - كلا بل أرزام . لماذا لا نسميها (أرزمة) ؟ إنه اسم منجبل ..
و بعد مناقشات تشعب فيها جدل ملماص أنبأنا قائد المكاكية بأن المكاكية تصدر تلك الأصوات الانفجارية أثناء سيرها لأن أنبوبة النفايات و الفضلات المحترقة مكسورة كسرا متهرجعا مدنابا .. فاستوقفنا قائد المركبة استوقافة مرتئنة , لنتكاكى فى مكاكية أخرى . أصخنا السمع فى اكتنبار شديد .. و فجأة قال السلامونى : - إنها تخندف . - بل تكاكى . - تخندف .. - بل تكاكى .
و تشعب بنا الجدل الحميص دون أن نصل إلى هلمذة أو كلمذة فافترقنا مفرنقعين على أن يضع كل منا بحثا مستئنسا عن الفيصل بين الخندفة و المكاكاة .
السبت :
الجدل بينى و بين السلامونى لم يصبح حميصا بل أصبح جدلا هجنجلا عن الفيصل بين الخندفة و المكاكاة .
الأحد :
الجدل الهجنجل مستمر .
الاثنين :
دعونا الصديق عبد الحى عبد الحى و ارتضيناه حكما ملحاقا فى ذلك الجدل الهجنجل . ذهبنا ثلاثتنا لنستمع إلى البعير و هى تخندف : ثم إلى الأوز و هو يكاكى , ثم تكاكينا فى أول مكاكية صادفتنا فى الطريق و أصاخ عبد الحى عبد الحى السمع الأطرقى , و اكتنبر اكتنبارا شديدا فسألته : - ما رأيك ؟
قال عبد الحى : لا هذا و لا ذاك . لا تكاكى و لا تخندف بل تهنش فهى أهنوش , بضم الألف .
صاح السلامونى : أجل .. أجل .. إنها تهنش تهنيشا .. كيف فاتنى أنها أهنوش ؟
و عقدنا اجتماعا بعد ذلك فى صومعة السلامونى المقنفلة و بعد البحث فى غياهب المراجع و مقاظمها , استقر رأينا على أن نسمى السيارة المرسيدس : الأهنوشة , و أن يقال استنهش الرجل أى امتلك الأهنوش , و يقال مهنشة أى الحظيرة التى تأوى إليها الأهنوش , و يقال رجل منهوش أى رجل داسته الأهنوش فقتلته و يقال رجل متهانش أى صدمته الأهنوش و لم تقتله , و يقال أهنوشية أى رخصة قيادة الأهنوش .
انفض الاجتماع و انفرقعنا بعد أن عهدنا إلى السلامونى بالبحث و التنقيب لوضع أسماء باقى السيارات , مضافا إلى ذلك البحث عن أسماء عربية لهذه المسميات الأعجمية : قداحة رونسون الغازية – البيبسى كولا – الكريم شانتيه – الساليزون . و أن أبحث أنا عن أسماء عربية لهذه المسميات : الاسكالوب – الجيلاتى – البلمونت . على أن يبحث عبد الحى عبد الحى وضع أسماء عربية لجميع أسماء المشاهير الأعجمية التى تتردد فى الصحف .
الثلاثاء :
إننى أقضى ليالى هثيمة فى البحث عن اسم عربى للاسكالوب .
الأربعاء :
اتصل بى أرزيزيا الأستاذ السلامونى , و كان صوته فى حبل المسرة متهدجا مبطاحا , قال لى أنه لم يعثر على ألفاظ قديمة القدم الكافى و لهذا صح عزمه على أن يرتحل إلى الصحراء ليحفر و ينقب فى الأرض عن ألفاظ أثرية من مخلفات البدو القدامى .
عقدت النية على أن أرتحل معه إلى البادية و أن اصطحب هرتى نميرة معى .
الخميس :
فى الطريق .
الجمعة :
نصبنا الخيام فى بلقع بلقيع ليس به قرطار و لا نافخ نار , و بدأنا الحفر فى التو و الهو .
السبت :
فى حفرة عمقها أربعة كردافات سمعت السلامونى يصيح صيحة البهجة و الحبور "لفظة لفظة .." ثم مالبث أن خرج من الحفرة المبهرقة و أسرع يعدو نحوى و بيده جسم صغير تراكم عليه الصدأ الكثيف و الرمال المتحنظمة ثم جلس أمامى ممسكا اللفظ بكلتا يديه و راح يزيل عنه الرمال و قد اكتسى وجهه بأجنوحة الفرحة و هو يتمتم : لفظ مفقود .. لفظ لم يسبق استعماله .. وافرحتاه .. وافرحتاه ..
ثم أحضرت له فنطاس النفط فغسل اللفظ فيه حتى ينهرك الصدأ من فوقه و يكتهى , ثم جففه بأخروقة , ثم أعاد بربعته فى النفط مرة أخرى لأن الصدأ كان شديد التحونط فى حروف اللفظ الأثرى . و ما انفك السلامونى يغسل اللفظ رباع و خماس و عشار حتى اقنحل الصدأ قليلا , فراح يحكه بصنفرة عضنفرة داهمة الأخشوشان . فباتت حروف اللفظ بعد الساعات الطوال , لاهقة , آهقة , فاهقة , و صاح السلامونى فى فرحة و هو يقرب مقلتيه من تحت المنظار السميك إلى اللفظ الذى وضعه فى صندوق من المخمل : - اقرأ يا أخى .. اقرأ معى ..
قربت بصرى , و ما لبثنا أن قرأنا اللفظ معا : - الخمشنون .
و هنا احتضننى السلامونى بحرارة كما تحتضن الوجيزة الدرباع قائلا فى حبور مبعرط : - الخمشنون .. الخمشنون .
ثم نظر إلى وجهى متسائلا : - ماذا تظن أن يكون معناها يا فرقاع الهمة ؟
و قبل أن ينتظر جوابى أسرع إلى الخيمة ليفتح القواميس و المراجع ثم انضممت إليه حتى عثرنا بعد لأى هثيم فى قاموس الزنباعى على لفظة قريبة الحروف يقول عنها الزنباعى : - تخمشن يتخمشن تخمشينا أى استقظم من الاستقظام , و يقال رجل مستقظم أى يحتسى الحساء فى انبعراج و بهجة .
بحثنا الأمر بحثا مستفيضا مهققا , و بينما نحن نتجادل الجدل الحميص , حدث ما أدخل فى قلبينا البهجة المستحبرة , إذ فوجئنا بقطتى نميرة قادمة نحونا و بين أسنانها لفظ أثرى عثرت عليه ثم تهيأت للجلوس حتى تأكله , فأسرعت أنتزع اللفظ من بين فكيها , و استخلصته سليما معافى الحروف و أسرع السلامونى يحنشله فى النفط حتى ينهرك صدؤه . نمنا ليلتنا مقرورى العيون بعد يوم هثيم .
الأحد :
بدأ السلامونى يومه بانتشال اللفظ الذى عثرت عليه قطتى نميرة من النفط ثم راح يحكه بالصنفرة و هو يفكر تفكيرا عميقا ثو قال لى فجأة و فى عينيه يلمع بريق الحلندس : - لقد استقر رأيى على أن نطلق الخمشنون على البيبسى , إذ أننا نحتسيها فى انبعراج دائما .
وافقته على رأيه المصطاب , فسر خاطره و انحبر , و بينما نحن كذلك بانت حروف اللفظ الثانى .. فقرأناه : - العرناب .
و بعد بحث فى المراجع لم نعثر للفظ أى لفظ قريب من حروفه على أثر , و رأى السلامونى بفاطن رأيه و حساكة مخبره أنه مادامت قطتى نميرة كانت تنوى أكل تلك الكلمة , فلابد أنها كلمة تعنى شيئا يؤكل , و استقر رأيه أن نطلق اسم العرناب على الاسكالوب , أو الكريم شانتى , لأن كلا الطعامين تهواهما قطيطتى نميرة .
الثلاثاء :
عدنا اليوم على أن نرتحل إلى بلقع جديد فى البادية فى القريب بحثا عن الألفاظ الأثرية .
الخميس :
تدحرنت اليوم و ذهبت إلى الأستاذ السلامونى فى صومعته اللغوية المقنفلة . جاء الأستاذ عبد الحى عبد الحى و عرض علينا ما توصلت إليه قريحته المتنبرسة من أسماء عربية لأسماء المشاهير الأعجمية , و ذلك بعد ترجمة دقيقة , و تصرف لبق معضاد .
تباحثنا فى هذه الدفعة من الأسماء بحثا هثيما و تشعب الجدل دون أن نصل إلى هلمذة أو كلمذة ..
adme4u Admin
عدد الرسائل : 2671 العمر : 57 الموقع : https://arbgan.ahlamontada.com العمل/الترفيه : هو فيه مصرى لاقى شغل المزاج : عالى جدا تاريخ التسجيل : 31/08/2007
موضوع: رد: || الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب || السبت أبريل 12, 2014 9:24 pm
صورة واحد امتحاناتى
الجمعة :
قضيت اليوم كله أحاول وضع أسئلة الامتحانات فى اللغة العربية و انتهت محاولاتى بتمزيق كل الأسئلة و ذلك بعد أن اكتشفت أن الأسئلة سهلة و مفهومة و يمكن للطلبة الإجابة عليها .
السبت :
اتصل بى صديقى الأستاذ الدندراوى . قال لى أنه لا يجد أسئلة صعبة فى مادة التاريخ .. بعد مناقشة , اتفقنا على الاجتماع فى بيت صديقنا الأستاذ أبو عقدة إذ أننا نحن الثلاثة - نؤمن بمذهب امتحانى واحد لا تؤمن به الأغلبية العظمى من الأساتذة واضعى الامتحانات . مذهبنا أن يكون الامتحان تعجيزيا , أن تكون الأسئلة ألغازا , و إلا فكيف يمكن أن نكشف عن قدرات الطالب الخارقة و معجزاته ؟ إن الأسئلة الواضحة السهلة ذات الإجابات الموجودة فى الكتب تدل على جهل الممتحن و تفاهته , و قلة معلوماته العلمية . ثم ما فائدة الامتحانات بالذمة و لماذا ننفق من أجلها كل هذه الفلوس إذا لم يكن الهدف منها هو تطهير العلم من الطلبة الحمير الذين لا يستطيعون الإجابة على أسئلتنا الرفيعة ؟
الأحد :
اجتمعنا فى بيت الأستاذ أبو عقدة . استقر الرأى فى بداية الاجتماع على أن يعرض كل منا الأسئلة التى وضعها فى مادته حتى نتبادل الآراء لنتلافى سهولة أى سؤال .
بدأت بعرض أسئلتى . أمسكت الورقة و قرأت الامتحان الذى وضعته للغة العربية : أولا - الانشاء : - اكتب فى أحد الموضوعين الآتيين : 1. العندريس و أثره فى الحضارة الإنسانية . 2. تجعلق الخرطاف يوما فتشوشن فى أكمة حتى سالت دماؤه . اكتب موضوعا على لسانه الذرب . عند هذا الحد من قراءتى للأسئلة , مط الأستاذ أبو عقدة شفتيه قى استياء قائلا : - العندريس دى مفهومة قوى ..
و علق الدندراوى فى قرف : - و موضوع الإنشاء الثانى فيه عبارة واضحة جدا و هى "حتى سالت دماؤه" .. كل طالب سيفهم معناها .
استمرت المناقشة بيننا , و انتهت بأن انتحيت جانبا لأعيد صياغة السؤال , ثم عدت أقرأ لهما تعديل الأسئلة بعد تصعيبها الشديد : - اكتب فى أحد الموضوعين الآتيين : 1. الأقلائظ و أثره فى الحضارة الإنسانية .
فقاطعنى الأستاذ أبو عقدة : - الأقلائظ دى متهيألى تتفهم قوى , و عبارة "و أثره فى الحضارة الإنسانية" معناها واضح جدا .
و أيد الدندراوى رأى أبو عقدة فانتحيت جانبا لزيادة تصعيب السؤال و عدت أقرأ لهما : - اكتب فى أحد الموضوعين الآتيين : 1. الأقلائظ و رموحه المشمول فى حضارة الإنسان صاح أبو عقدة : كده عال . فواصلت القراءة : 2. تجعلق الخرطاف يوما فشوشن فى جردابة حتى تبعرط بعرطة شديدة , اكتب موضوعا على لسانه الذرب .
و هنا سأل أبو عقدة الأستاذ الدندراوى : فاهم حاجة من الكلام ده ؟ قال الدندراوى : أبدا ..
و هنا أعلن أبو عقدة رضاءه عن أسئلة الإنشاء , فواصلت قراءة الأسئلة بين استحسان أبو عقدة و الدندراوى حتى وصلت إلى السؤال الذى أقول فيه : - اشرح معنى هذين البيتين و اعربهما :
و منجار يكلكل بالبردع الخافقات يهفتع بالكئيم كركود الكلات كان القوك فوقه و هنان الشرى يهنجر فى الدجى مرنون الفتات
عندئذ صمم الأستاذ أبو عقدة على أن هذين البيتين فى منتهى الوضوح والسهولة لدرجة أنه فهمهما ببساطة , فطلبت منه شرح المعنى فقال كلاما كثيرا سألنى بعده : - موش ده المعنى المقصود ؟
فأقسمت له أننى لا أعرف أى معنى لهذين البيتين لأننى نقلتهما من قصيدة لشاعر جاهلى اسمه (الضيرنس) .
و هنا اقترح الدندراوى أن أطلب من الطالب فى السؤال كتابة باقى القصيدة , فلما قلت له أنها غير مقررة عليهم فى النصوص و لم يسمعوا أبدا باسم الشاعر الجاهلى (الضيرنس) , صاح أبو عقدة : - هو ده يبقى التعجيز اللى على أصله يا أستاذ .. اكتب السؤال زى ما قال الدندراوى .
عدلت السؤال طالبا من الطالب إكمال القصيدة .
بعد ذلك , بدأ الدندراوى يعرض علينا الأسئلة التى وضعها لمادة التاريخ , قال أنه توخى أن تكون أسئلته أسئلة ذكاء صعبة لا أسئلة أولاد صمامين حمير , ثم قرأ من ورقة فى يده : - أجب عن كل من أ و ب فى السؤال التالى : أ - اشرح معنى كلمة (نابليون) فيما لا يقل عن خمسين سطرا .
صاح أبو عقدة ( خيلهم 120 سطرا ) .. ثم هز رأسه متشككا فى صعوبة السؤال , معلنا أنه من المحتمل جدا أن يجيب عليه عدد كبير من الطلبة . و انتهت المناقشة بتعديل الفقرة ( أ ) من السؤال كالتالى : ( أ ) اشرح معنى كلمة نابليون فيما لا يقل عن 200 سطر , بحيث يكون عدد كلمات السطر الواحد 11 كلمة و نصف كلمة . ثم بدأ الدندراوى يقرأ الفقرة ( ب ) : ( ب ) "الازدواج التاريخى فى سياسة بسمارك يؤدى إلى الاتساع التاريخى مع بعض التباعد فى الأبعاد المتقاربة أو المتوازية أو المتقاطعة أو ذات الزوايا الحادة" . اشرح معنى هذه العبارة شرحا وافيا .
قال الأستاذ أبو عقدة : أنا عندى فكرة أحسن للسؤال ده .
ثم أمسك بالقلم و الورق لفترة , قرأ علينا بعدها هذا التعديل : ( ب ) إذا افترضنا أن سياسة بسمارك هى عبارة عن المثلث متساوى الأضلاع أ , ب , جـ بداخله دائرة محيطها 25 سنتيمترا تمثل الازدواج التاريخى , مد بداخلها الوتر د , هـ الذى يمثل الاتساع التاريخى ثم الوتر ن , و الذى يمثل الامبراطور غليوم , فأثبت أن التباعد التاريخى فى سياسة بسمارك يساوى : الزاوية ب جـ أ + 2/1 ط نق تربيع - مربع مساحة الدائرة × ن و + د هـ . (ملحوظة) محظور على الطالب استعمال البرجل أو المنقلة أو المسطرة أو القلم الرصاص أو رسم أى رسم فى هامش ورقة الإجابة أو على النشافة و إلا يعد الامتحان لاغيا .
عندما انتهى الأستاذ أبو عقدة من قراءة السؤال قام الأستاذ الدندراوى و احتضنه بشدة , ثم باسه على الخدين , كما قمت أنا و هنأته بحرارة على وضع هذا السؤال الرائع .
و بعد ذلك استأذن الأستاذ الكبير أبو عقدة فى تأجيل الاجتماع إلى يوم آخر للنظر فى بقية الأسئلة . إذ أنه مشغول بترتيب و إعداد الأسئلة فى الامتحان الشفوى بالمعهد الذى يدرس فيه . ثم دعانى مع الأستاذ الدندراوى لحضور لجنة الشفوى غدا بالمعهد حتى نأخذ فكرة عن أصول الأسئلة الامتحانية .
الثلاثاء :
ذهبت مع الدندراوى إلى المعهد . قبل أن نذهب إلى القاعة التى يعقد فيها الامتحان حدث شئ مؤسف , إذ سمعنا فى الممر أستاذا بالمعهد لا نعرفه يتحدث إلى أستاذ آخر حديثا سخيفا عن الأستاذ أبو عقدة , فقال عنه أنه رجل مصاب بالسادية و حب القسوة الشديد على الآخرين , و أن هوايته فى أوقات الفراغ هى أن يضرب أولاده ضربا أليما , فإذا لم يجدهم فى البيت أمسك بذيل القطة ليدير بها ذراعه فى الهواء , فإذا لم يجد القطة وقف فى النافذة يضرب الناس بالنبلة . و قال الأستاذ الذى لا نعرفه أن الأستاذ أبو عقدة حلف يمينا بالله العظيم أن يطهر العالم من طلابه الحمير .
مشينا فى القاعة دون أن نناقش هذا الأستاذ الجاهل فيما قاله احتقارا منا لشأنه , و فى قاعة الامتحان الشفوى استقبلنا الأستاذ أبو عقدة , و أجلسنا فى جانب من القاعة .. ثم عاد ليرأس لجنة الشفوى و هو يقول للساعى : - نادى لى الطالب أحمد الغلبان .
و ما أن ردد الساعى اسم الطالب على الباب حتى هب الأستاذ أبو عقدة تاركا مكانه , متجها نحو الباب , و فوجئنا به يسأل الطالب الذى اجتاز الباب : - انت أحمد الغلبان ؟
و أمام هذا الرجل ذى الهيبة العظيمة وقفت الكلمات فى حلق الولد و هو يرتجف , و اكتفى بهز رأسه , و هنا ضربه الأستاذ أبو عقدة قلما شديدا على وجهه , ثم عاجله بصفعة شمال أقوى من الأخرى , ثم راح يضربه بالشلاليت , و وقع الولد على الأرض فراح يركله : - قوم يا جاهل يابن الجاهل ..
فنهض الولد مرتجفا و هو يدفن رأسه بين ذراعيه بينما الأستاذ أبو عقدة يصرخ : - أنت أحمد أحمد الغلبان ؟ قال الولد بصعوبة : نعم . و هنا لكمه الأستاذ لكمة شديدة و هو يصيح : - أنت متأكد إن إجابك دى صح ؟ - نعم ..
و عندئذ ثار الأستاذ أبو عقدة و هو يقول : - اسفوخس على شكلك يا جاهل .. إزاى يا حيوان تعرف إجابة سؤال باسأله لك ؟؟ انت أحمد أحمد الغلبان ؟
فأجاب الولد بنعم و هو يقسم بالله العظيم , و اشتدت ثورة الأستاذ أبو عقدة : - و كمان بتحلف يا جاهل .. ثم ضربه شلوتا قويا و هو يصرخ : بره .. بره .. صفر .. ساقط .. بره .. اخرج بره ..
و أسرع الولد يجرى خارجا , بينما الأستاذ أبو عقدة يضرب كفا بكف و و يتعجب كيف يجاوب الولد بسهولة على سؤال للأستاذ أبو عقدة .. هل هان مستوى أسئلته إلى هذا الحد ؟
و شخط الأستاذ أبو عقدة فى الساعى : - نادى لى على الطالب أحمد أحمد المرحوم . و عندما دخل الولد تكرر نفس المشهد , إذ استقبله الأستاذ بالسؤال الأول : - انت أحمد أحمد المرحوم ؟
و ما أن أجاب بنعم حتى حدث له ما حدث لأحمد أحمد الغلبان , و انتهى الأمر بطرده و إعطائه صفرا بينما الأستاذ أبو عقدة يصيح : - و الله مسخرة . عشت و شفت طلبة حمير يجاوبوا على سؤال لى بنعم .. أنا ماحدش يعرف يجاوب على أسئلتى .. أنا أسئلتى لها مستوى .. أسئلة ذكاء لا يمكن حد يجاوب عليها ..
نادى لى ع اللى بعده أحمد أحمد الناصح .. و الله عال .. وادى واحد عاملى ناصح ..
دخل الولد فاستقبله الأستاذ أبو عقدة من الباب : - انت أحمد أحمد الناصح ؟ قال الولد : ده سؤال صعب يافندم .. و الله موش عارف ..
و هنا انفرجت أسارير الأستاذ أبو عقدة و نظر إلينا و إلى زميليه فى اللجنة و هو يقول : - موش باقول لكم إن أسئلتى لا يمكن أن تكون سهلة أبدا ؟
ثم ضرب الولد على قفاه بشدة قائلا : - تعالى امتحن يا جاهل .. تعالى جاتكو القرف .
جلس الولد أمام اللجنة فسأله الأستاذ أبو عقدة : - قوللى يا أبو جهل .. أنت اسمك إيه ؟ - ده سؤال عويص يافندم .. ادينى فرصة لسؤال تانى .
و ضحك الأستاذ أبو عقدة فى فخر لأن الولد عجز عن الرد و عاد يسأله : - انت طالب هنا فى المعهد ؟ - ممكن أفكر فى السؤال شوية يافندم ؟ - فكر يا جاهل .. - فكرت يافندم خلاص .. - انت طالب هنا فى المعهد ؟ - موش عارف الإجابة .. ممكن فرصة كمان ؟ - قوم يا جاهل .. صفر .
كان شيئا ممتعا أن نشهد أنا و الدندراوى رسوب مائة و خمسين طالبا بلغ مجموع درجاتهم مائة و خمسين صفرا .
الجمعة :
فى البيت مع الأستاذ الكبير أبو عقدة لمراجعة بقية أسئلة التاريخ التى وضعها الدندراوى . رفض الأستاذ أبو عقدة سؤالا يقول : - اكتب بالتفصيل تاريخ العالم منذ خلق آدم و حواء حتى قيام حرب فيتنام .
قال الأستاذ أبو عقدة أنه سؤال سهل ممكن الإجابة عليه .. و كتب بدلا منه سؤالا يقول : - أجب عن السؤال التالى : كان المفروض أن يكون هنا سؤال فى التاريخ , و لكن الممتحن عدل عن كتابته فى ورقة الأسئلة , فاذكر ما هو هذا السؤال و أجب عليه بالتفصيل .
احتضن الدندراوى الأستاذ أبو عقدة بشدة على هذا السؤال الرائع ..
الجمعة :
الحمد لله .. لم ينجح أحد لا فى اللغة العربية و لا فى التاريخ . أقمنا حفلة بهذه المناسبة عند الأستاذ الدندراوى .
|| الأدب الساخر || كتابات أدب ساخر لأحمــد رجــب ||