استوقفني منذ نحو أسبوع تحقيق بدا لي ساخراً رغم أنه يحمل بعض الأخبار التي تفقع مرارة من لا مرارة له.. وقد قدمه أحد الزملاء الصحفيين بجريدة (عين) حول معدل أسعار أطعمة الحيوانات المنزلية، وعلى رأسها القطط والكلاب حتماً، وأنها لم تتأثر بزيادة الأسعار التي طالت كل شيء عقب زيادة الـ30 % الخاصة بالمرتبات وما أعقبها من زيادة في أسعار المواد البترولية لتنسحب إلى كل المواد الغذائية!
وقد طرح التحقيق في بدايته سؤالاً هاماً وهو هل جميع السادة الوزراء والمسئولين في مصرنا العزيزة من هواة تربية الحيوانات المنزلية الأليفة؟وهذا السؤال الذي قد تكون إجابته هي الإيجاب والنفي معاً فربما هم كثيرون فعلا وربما هم قليلون وهناك أثرياء كثيرون من هواة تربية الحيوانات المنزلية سنجد له ما يبرره بتساؤل آخر قبل الإجابة عليه.. وهو لماذا لم تزد أسعار أطعمة الحيوانات المنزلية منذ عدة سنوات بل ثبتت أسعارها عند مستوى لم تتجاوزه منذ ما يزيد على خمس سنوات كاملة؟ فهل هذا حرص من الدولة على عدم زيادة أعباء السادة المسئولين والسادة الأثرياء من هواة تربية الحيوانات المنزلية وحتى لا تمثل مستلزمات الحيوانات المنزلية عبئاً إضافياً عليهم أم أن الزيادات العالمية التي صدعوا رؤوسنا بتأثيرها السلبي علينا لم تطل إلا أطعمة البشر وخاصة الفقراء منهم؟
أحد المسئولين بالغرفة التجارية قال في التحقيق إن أسعار أطعمة الكلاب والقطط مع أدوات الرفاهية بالنسبة لهم مثل الشامبوهات والبارفانات مستقرة تماماً منذ زمن طويل وأن سعر معظم الأطعمة يتراوح من 6 جنيهات للوجبات ذات التصنيع المحلى إلى 66 جنيهاً للوجبات المستوردة وأن الجمارك المفروضة على الوجبات المستوردة لا تزيد على 100% وهي نفس الشريحة المقررة على جمارك السيارات!
ولزيادة حرق دم سعادتك وفقع مرارتها يمكنك أن تعلم عزيزي القارئ أن سعر علبة السردين المستوردة والمضاف إليها مكسبات طعم لفتح شهية القطط (يا بختها طبعاً!) يبدأ سعرها من 28 جنيهاً وهو النوع المخصص لصغار القطط ويصل إلى 31 جنيهاً للقطط العجوزة!
كذلك لم تتأثر أدوات الراحة الخاصة بالحيوانات المنزلية بأي زيادات في الأسعار العالمية، حيث تشتهر دولة البرازيل بأنها واحدة من أشهر الدول التي تقوم بتصنيع الفرش الذي تنام عليه القطط والكلاب والذي يتوفر بعدد من الروائح مثل الياسمين والأناناس والخوخ والذي فيما يبدو قد أضيفت لها كي تفتح نفس تلك الحيوانات على النوم (ضع ما تشاء من علامات التعجب!!!).. ولك أن تعلم أيها القارئ العزيز أن سعر الفرشة يتراوح من 95 جنيهاً إلى 124 جنيهاً فقط! ورغم أن سعر حضانات القطط والكلاب حديثي الولادة مرتفع نسبياً إلا أنها أيضا من الأدوات التي لم تشهد أي زيادة منذ عدة سنوات حيث ثبت سعرها عند 2000 جنيه للحضانة الواحدة!
والمثير في كلام المسئول من الغرفة التجارية والأشد عجباً أنه أوضح أن أسعار مستلزمات القطط والكلاب لم تفرض عليها أي جمارك جديدة منذ خمس سنوات رغم فرض جمارك جديدة على معظم السلع، وهو ما ساهم في استقرار أسعار مستلزمات وأطعمة القطط والكلاب، وأضاف أن مصر تعتبر من الأسواق الهامة جداً في هذا المجال، خاصة وأن الأطعمة المستوردة تحديداً تجد إقبالاً ورواجاً كبيراً في السوق المصري.
وهذا الكلام يوضح أن هواة تربية القطط والكلاب في مصر ما شاء الله عددهم كبير جدا ونحن لا نشعر بدليل هذا الرواج للمنتج المستورد قبل المنتج المحلي..
ويبدو أن أزمة رغيف العيش قد ألهتنا عن متابعة أسعار طعام القطط والكلاب مما ساهم في عدم وقوع أي حالات حسد لهم فزاد الإقبال على شراء مستلزماتهم بالأسعار الثابتة منذ خمس سنوات في الوقت الذي تزيد فيه أسعار طعام البشر أسبوعياً وربما يومياً، والأدهى من ذلك أيضاً هو وجود رواج لأدوات التجميل الخاصة بالقطط والكلاب والمستوردة أيضاً، حيث يتراوح سعر رباط العنق للكلب من 50 إلى 100 جنيه حسب نوع الجلد المستخدم كذلك فإن ضفيرة الذيل للكلب اللولو تباع بـ 25 جنيهاً وترتفع وفقا لنوع القماش المستخدم في تصنيعها..
وبعد هذا الكم من المعلومات التي ربما تكون قد أضحكتك على حالنا أو أبكتك عليه على حد سواء يتبقى سؤال هام جدا وهو لماذا لم تفرض أي زيادات أو جمارك على أسعار مستلزمات وأطعمة القطط والكلاب.. فهل خامات تصنيع هذه الأطعمة والمستلزمات لم تزد عالميا أم أن هناك دعماً من الدولة لأطعمة القطط والكلاب؟
ثم لماذا تزيد أطعمة البشر بهذا الحد الجنوني يوميا ولم يحدث المثل مع أطعمة القطط والكلاب.. فهل هذا لوجود رقابة صارمة على أسواق المواد الغذائية للحيوانات المنزلية نفتقدها على أسواق البشر؟
والحقيقة التي أدركها الآن جيداً هي أنني كنت أتمنى لو كنت قطة نظراً لعشقي الشديد للقطط، فعلى الأقل سأجد طعاماً وملبساً متوفرين لي دوماً مع أقل عدد من المواء!